المنبرالحر

غرق ..غرق / قيس قاسم العجرش

الطريق من سامراء الى الموصل يتجاوز 250 كيلومتراً، وهي مسافة أمنية صعبة التحقق. من جهة أخرى فإن الإنتشار الواسع لأية قوة عسكرية سيفقدها مُرونة الحركة وقدرة المتابعة خاصة إذا كانت تواجه حرب عصابات كما هو الحاصل اليوم مع الجيش العراقي، إذن اين الحل؟...ستحتاج هذه المنطقة الواسعة الى آلاف الوحدات العسكرية من اجل مسكها ، يعني مئات الآلاف من المقاتلين ـ في نقاط ثابتة أو متحركة ومئات الدوريات إضافة الى موارد تموينية وتسليحية لا تنتهي بينما يتمتع عناصر التمرّد بخاصية المباغتة والإختباء بين المدنيين.
أما مسك الحدود الطويلة بين العراق وسوريا(600كم) والتي يستخدمها المتمردون كممر آمن، فهو يستلزم إنتشاراً واسعاً لوحدات قتالية قوية ومزودة بتجهيز عال، إضافة الى تأمين طرق التموين الطويلة جداً، يقدر خبراء من حلف الناتو حاجة العراق الى 120 الف عنصر قتالي لتأمين الحدود مع سوريا يضاف اليهم 50 الف عنصر على شكل ذيل إداري طويل يصل الى بغداد فضلاً عن القوات التي ستكون مهامها مسك الأرض...هل لاحظتم أن هذه كلها غير متوفرة ؟.
ربما سنضطر الى هذه»العسكرة»المحمومة إذا لزم الأمر، بالنهاية، اضطرت العديد من الأمم قبلنا الى تجنيد جُل مواردها البشرية والإقتصادية من أجل أمنها، حدث هذا في الحرب العالمية الثانية وحدث في حروب لاحقة كثيرة.
لكن، والحال هذه..وجب التفكير أولاً في ترشيد الموارد وانفاقها على البقعة المجدية،أولا على موارد الدولة ان تضرب مثلاً للناس بأن العيش في ظل القانون وسلطة الدولة أجدى وأكثر أمَلاً من العيش في ظل عصابات داعش، حتى إن ارتدت ثوباً عشائرياً مقبولاً .
إن كنا سندخل(أو دخلنا بالفعل)مرحلة الحرب الشاملة بالضد من تهديد داعش والذين يؤمنون بجدوى داعش، فعلى الحكومة اولاً ان تعي الحافة الحرجة التي نحن فيها، لا مجال لمزيد من التعاند.
لكن هذا الكلام يبدو ترفاً وسط أداء حكومي متخبط تورط في فتح جبهات(سياسية - اقتصادية)لمواجهة الفرقاء السياسيين للحكومة.
لا توجد مشكلة سياسية لا يمكن تأجيلها، كركوك او غيرها..سلطة البيشمركة ومهامهم..دور المحافظات واختصاص مجالسها،الخلافات الدستورية وغيرها..كلها يجب ان تصغر في عين من يدرك الخطر الأمني المحيق بوجود العراق، ليست العقدة في تحشيد المتطوعين، إنما العقدة هي أن القوات العراقية تواجه أشرس مقاتلين عرفهم التاريخ، وهؤلاء دخلوا في الوضع السوري دورة تدريبية وحشية لا مثيل لها.بينما تسير بيرقراطية الآليات الحكومية بأبطأ مما نتوقع.
الحكومة مدعوة الى التجاوز عن أي عقدة لأن وجود النظام بأكمله صار على المحك..لا فائدة من الجدل بين اللاعبين بينما الملعب مهدد بالغرق، بل إن المياه وصلت الى الركب!.