المنبرالحر

علاقة حُب أردنيـّة / قيس قاسم العجرش

لأصدقائي الأردنيين من المشاكل الشخصية والمعاشية ما يشبه هموم وطنهم الى حدٍّ بعيد...حالات إستعصاءٍ ذات أنينٍ ناعم...كنت أمازحهم دائماً:وطنكم يقتسم معكم آلامهُ بعدالةٍ مفرطة ...لذلك فأنتم تحبّوه بلا تفكير ناقم!.وبصراحة، لم أجد فيهم ما وجدته عند المصريين، مثلاً من نفور مدفون تحت الجلد. في القاهرة كانت المشاكل لأحد الاصدقاء حين يحدثني تفصيلاً عن التحرّش في الشارع وأسباب نموّه، كانت تساوي البلد نفسه!.
لكن الحال في عمّان يختلف تماماً. الأردنيون متصالحون الى حدٍّ بعيد مع بلدهم على أوهانه، بل إنهم مُدركون للمأزق الجغرافي والتاريخي الذي ظهر فيه يتقبلون نتائجه الإقتصادية بكثير من الروح الرياضية! ويتعاملون مع الجوار الفلسطيني أيضاً هكذا على الرغم من أنه جوار(داخلي)بشكل إستثنائي. عرفت أيضاً انهم ينظرون الى الجوار العراقي بكثير من الإرباك،يؤلمهم حقيقة وضع العراق الذي هو(في نظرهم) ليس غزّة، العراق شيء كبير جداً في نظرهم.
في اتصال الكتروني، كان يسأل عن سبل التواصل مع وزارة الخارجية العراقية ليعرف خلفيات سحب السفير العراقي من عمّان، قلت له أظن أن السبب هو المؤتمر الأخير الذي دعا لأعمال مسلّحة ضد الحكومة العراقية وهي دعوة تعني تحريضاً على العنف يفترض على الأردن أن لا يتورط بها.
وبلطافة معهودة ذكرني :بس لا تنسى أن الذين حضروا المؤتمر كلهم عراقيون ولا أظن ان الحكومة الأردنية تعلم مسبقاً بدعواهم للعنف وتشجيع التمرّد.تكلم عن فرق في الإدراك حين يكون الحديث عن دولة»قوية» واختلافها عن دولة «مخيــفة»!.
الآن العراق يبدو للجيران بأنه دولة فقدت زمام الأمور، وبين حقيقة هذا الطرح والصورة التي وصلت للآخرين تضيع فعلياً مئات الفرص للإستقرار.
من بين ما قاله الصديق أيضاً:الحاضرون الى المؤتمر المحرّض كلهم مقيمون دائميون في عمّان وما قالوه على شكل جماعة هو ذاته ما كانوا يقولونه على شكل أفراد، أتصور ان الحكومة العراقية أمامها اسئلة عراقية أكثر مما لدى الحكومة الاردنية من أسئلة أردنية، صح؟.
وهذا فعلاً ما حدث، تحدّثت الصحافة هناك عن مساءلة حكومة الأردن عن جدوى»السماح» بمثل هكذا نشاط على أراضي المملكة...ونحن الآن بانتظار أسئلة عراقية لا تهملها الحكومة، عن جدوى»السماح» بمثل هكذا نشاط(منذ مدّة طويلة جداً)بلا ردة فعل معقولة..هل بإمكاننا أن نتحدث عن وحدة خطاب عراقي مثلاً، حتى نتحدث بالتالي عن «سياسة خارجية»عراقية ؟.
ولنتذكر حقيقة هنا أن جلالة الملك عبد الله سجّل سابقة مهمة جداً حين زار العراق ليكون الأردن أول بلد عربي ينظر الى تغيير 2003 على أنه أنتج حكومة وطنية بالنهاية.