المنبرالحر

لماذا استهداف المسيحيين العراقيين! / عادل الزيادي

ربما يتحمل البعض وزرا لا ذنب لهم فيه، ولربما يمنح البعض شأنا رفيعا لا فضل لهم فيه. تعايش المجتمع العراقي قديما متجانسا ومتقاربا، لا بل احيانا يحسب المؤرخون وبما يسمى (اقليات) ان لهم شأن كبير في ارساء الحضارة العراقية وهم يصهرونها مع سلالة التاريخ العراقي دون ان يميزونها عن غيرها، فهي عراقية قبل ان تنتمي الى مكون اخر .. الاستهداف الاخير للمسيحيين في مدينة الموصل ووضعهم قاب قوسين بين (الاسلمة او الجزية او قطع الاعناق) في حقيقة الامر يحمل رسالة واحدة لا غير هي طمس والغاء المكونات التي تتعايش على الارض العراقية والاستحواذ على البرية لدين واحد لا منافس له، والسير باتجاه اللون الواحد الديني (بحسب المخطط) وبالتاكيد ان التلاوين المتعددة لاي شعب يمكن ان تضفي نوعا من التماسك الاجتماعي وابعادا عن صيغ التعايش والتجانس والوحدة لاغراض الالتصاق بالوطن والابتعاد عن التمايزات العرقية والدينية، والمسيحيين احد المكونات الاساسية في مجتمعنا العراقي ودعاة ما يسمى (داعش) لا يروق لهم ان يتعايشوا مع المسيحيين ولا حتى رؤية كنائسهم وسماع قراءة انجيلهم فعادوا باحكامهم الضغينة على البشرية جمعاء وكان البدء على (المسيحيين) فمنحوهم ثمان واربعين ساعة لمغادرة الموصل. ونفهم من هذا ان سياسة الالغاء لا تقف عند هذا الحد، ربما ستحل في احضان مكون عراقي اخر. وهنا نتساءل، هل ان ذنب المسيحيين لانهم اهتدوا بديانة اباءهم ومن قبلهم فاطفالهم ونساءهم وشبابهم لا يتحملون اطلاقا هذا العبء (وكذا جميع الاديان الاخرى)؟ فكل انسان يولد على سجية اباءه واجداده، وهل يريدون منهم ان يكونوا جوالين بين الاديان (وماذا لو كان الامر معكوسا مع داعش)؟ وما يؤسف له ان المسيحيين قد تعرضوا الى الكثير الكثير من حملات الارهاب في سنوات سابقة لتصفيتهم من بلدهم ولكنهم ابوا الا ان يتمسكوا بوحدتهم وانتماءهم للارض العراقية .. وان مثل هذه المخططات الاستهدافية لا يمكن ان تنال نصيبها من النجاح لانها ليست غريبة عن الحملات التاريخية القديمة والتي بمرور الزمن افضت الى تجذر المكون المستهدف من جديد لان الجذور التاريخية والاجتماعية اقوى من الانفعالات الغير مبررة، فقد عادوا وبنوا وانشاوا مع بقية المكونات الاخرى ..
وهنا لابد من الاشارة الى الاهمية القصوى للحد من هذه الظاهرة الاقصائية العنفية بتحرك سريع وعاجل للمنظمات الانسانية والحقوقية وكذلك المنظمات المحلية لفضح هذه الاساليب واستهجانها وعلى القوى واصحاب القرار ان تقوم بفعل مبكر وداحض بعد توفر الغطاء الدولي و وأد هذه التذرعات والتي تنذر بشؤم كبير على شعبنا، ويبدو ان العبث في تغيير الطابع المكوناتي للمجتمع العراقي يقع في اولويات داعش ومن سار خلفها لفرض اجندة مشبوهة وما مر بالعراق من مصاعب وويلات يحتم على الجميع ان يكونوا في خندق واحد للحؤول دون تمرير هذه المخططات، لا ان يوظفوا استعداداتهم للاتهامات والصراعات والشبهات والا سيمضي سيف الغدر في تقطيع عراقنا الى اوصال واوصال.