المنبرالحر

القتل على الهوية لا يهزم " داعش "/ محمد عبد الرحمن

داعش لا تمثل الا نفسها ، ومن يشاركها في اهدافها الاجرامية لأي سبب كان ، من قوى ومنظمات ودول، لا يضمر في الواقع سوى السوء لتجربة بلدنا الوليدة، ولا يهدف الا الى وأدها وارجاع البلاد الى ايام الاستبداد والظلام .
فداعش بحكم قاطع ونهائي وغير قابل للتمييز ، هي منظمة ارهابية ظلامية ، قد لا يضاهيها في ما تقوم به الا المغول في سالف القرون. ويخطيء من يظن بخلاف ذلك ، كما سيخطيء من قد يتصور ان طريق تقويم الاوضاع وتصحيح مساراتها في العراق، يمر عبر « الفواحش « الداعشيين .
اقطاب مؤتمر عمان «المضللين» بانت واضحة امامهم قباحات الداعشيين ، وما يضمرون من سوء لسكان المناطق التي وقعت تحت قبضتهم . والمنطق يقول ان على هؤلاء نفض ايديهم من ما حصل لحد الان ،والنأي بانفسهم بعيدا عن العار الذي يمكن ان يلحق بهم على مر التاريخ ، ان هم واصلوا ترديد القول ان « داعش فصيل من فصائل المقاومة « او كما فعل العديد من « المؤتمرين « حين لاذوا بالصمت الذي يعني الرضا فيما يخص موبقات « داعش « .
ان المذبحة التي تقترفها داعش متواصلة في الموصل وغيرها ، وهي متعددة الاوجه وتأخذ ابعادا عدة ، ولكنها لا تؤشر الا حقد هؤلاء الاوباش على كل ما يمت بصلة الى البشر والانسانية. انهم خارج التاريخ والحضارة ، ولا يمكن بحال التستر على ما يقومون به ، ايا كان الموقف من الحكومة الحالية .
فيما بات مطلوبا بالحاح من سكان المناطق في المحافظات التي ابتليت بداعش ، ان يتحركوا ويرفضوا مبايعة هذا التنظيم المسخ وخلافته ودولته ، وكل من ايد نهجه ودعم توجهاته. بل ان المطلوب اكثر من هذا: الشروع بالتصدي والمقاومة الايجابية للداعشيين ، وعدم تمكينهم من قضم المزيد من الاراضي والمناطق والبلدات ، وصولا الى طردهم وتحرير مدننا من رجسهم.
على ان سكان هذه المحافظات المبتلية بـ «داعش»يحتاجون الى التضامن والدعم والاسناد ، لا سيما من الحكومة والبرلمان ، وسائر الاحزاب والكتل ، ومن القوات المسلحة ، ومختلف منظمات المجتمع المدني واوساط الراي العام العراقي. يحتاجون الى رسائل تطمئنهم وتردم الهوة ،وتعيد بناء ما تقطع جراء الممارسات غير السليمة ، ومنها حكومية رسمية ، واعادة بناء اجواء الثقة ، واشعارهم بانهم حقا وفعلا جزء لا يتجزا من العراق الواحد ، الذي يتسع لجميع ابنائه على اختلاف منحدراتهم وطوائفهم وقومياتهم . ويمكن الجزم قطعا إن تأمين ذلك ، الى جانب الغطاء السياسي الوطني الشامل ، والارادة الوطنية الحقة ، سيسهم في تعجيل اندحار داعش ومن لف لفها .
لكن هذا لا يجمعه جامع بأي صورة مع ما يجري في العديد من مناطق بلدنا ، من اجبار لابناء طيف معين من الشعب على الهجرة من مناطق سكنه ، واحداث تغيير ديموغرافي ضمن توجه طائفي لايجاد « مدن نظيفة « ، او ما يقال انه للخلاص من « الحواضن «. كذلك عمليات القتل على الهوية ، كما حصل في البصرة وبغداد وبعقوبة وغيرها ، من قبل مليشيات منفلتة يتردد في الاعلام انها مدعومة من اوساط حكومية ، من دون ان ينفي ذلك احد حتى الآن او يسعي لايقافه باجراءات ملموسة .
ان القتل على الهوية والتهجير بدوافع طائفية ، مستنكران ومدانان من اي طرف جاءا ، وهما في المحصلة يقودان الى المزيد من اضعاف الوحدة الوطنية والاضرار بالنسيج الاجتماعي ، الامر الذي يصب بدوره في مصلحة «داعش» ويبعد شبح الهزيمة عنها !