المنبرالحر

كاسَكْ يا وَطنْ / مازن العاني

في أحد مشاهد «مسرحية غربة» تعكر مزاج بيكك الضيٌعة، وارتفع عنده السكر، و ربما الضغط، عندما استفزه المعلم القادم تواً من المدينة، واتهمه بافتقاد الشرعية في حكم أهل الضيعة. و لكي يدحض حجج القادم الغريب و يؤكد أن الاهالي يريدونه بالاجماع التفت البيكك الى مواطنيه و سألهم و هو ممتلىء ثقة بان لا احد سينافسه على المنصب: من منكم يرشح نفسه ليكون رئيسا للحكومة بدلا عني؟. تفاجأ البيكك حين اعلن له اجماع الحاضرين ان كلاً منهم يرغب بترشيح نفسه للرئاسة ! فعاد الى المعلم حانقاً « مدردماً»: هل إرتحت؛ ضيعة كلها زعماء، فمن اين اجلب لهم بالشعب؟!
هذا المشهد تكرر على شكل ملهاة في ضيعتنا « المُضَيعة بصراعات قادة كتلها» في جلسة انتخاب رئيس لجمهورية العراق في الاسبوع قبل الماضي، حيث بلغ عدد الذين تطوعوا للتضحية والتنافس على موقع «البيكك» 113 مواطنا من كل الاعراق و الاجناس و الاعمار و السحنات. وبعد الجرد و العدد و الشد و المد رسى الامر على 93 مرشحا فقط لا غير، « وحصوة بعين اللي ما يصلي على النبي»!
لا احد يستكثر على اي من مواطني ضيعة غُربة او عِزبة العراق، بمن فيهم المُغتربون منهم، الطموح للوصول الى كرسي البيك، فذلك حق مضمون يكفله الدستور لكل مواطن، و المواطنون متساوون امام القانون.
وربما يملك سكان غربة حقا اضافيا للتقدم جميعا للترشيح خصوصا و ان دستورهم، الذي يفترض انه ينظم ادارة شؤونهم بما فيها انتخاب الرئاسة أكله « حمار البيكك» من الخرج الذي كان محمولا على ظهره، و ضاعت بأكله المعايير و الاعتبارات و المقاسات.
نعم مِن حقنا جميعاً ان نُرشح لمنصب الرئيس وترنو عيوننا على قصور الجادرية، غير انه « ما هكذا تورد الابل» ، وينبغي ان يؤخذ بنظر الاعتبار الحالة الانتقالية الطارئة التي يعيشها البلد، و يراعى الوضع الخطير الذي نمر به و الحاجة الى استمرار التوافقات، وليس المناكفات و المتاهات، في القضايا الكبرى تحديدا، كي نلملم شتات الوطن ، ونعبر بالعراق الى شاطىء الامان.
و على خلاف ما قاله صاحب «ما ننطيها» من ان ترشيح أكثر من مئة مواطن لمنصب البيك ظاهرة ايجابية تؤشر الى حالة الحرية و الديمقراطية التي يعيشها العراق، علق صديق على الامر بقوله «هزلت حتى بانت كِلاها و سامَها كلُ مفلسِ»، و اضاف في دول العالم كلها من اقاصي الغرب الى تخوم الصين؛ لم نسمع يوما بان عدد من يتنافس على موقع الرئيس قد تجاوز الاثنين او الاربعة في اقصى حد. من اين نستورد شعوبا لهؤلاء الزعماء ؟
لندع صديقي مهموما بتحفظاته و غيظه، و تعالوا نفرح بوطن يملك كل هذا العدد من الزعماء، في زمنٍ تتقلص فيه مساحتُه وتنحسر فسحةُ العيش فيه، و يبحث أبناؤه عن أوطان بديلة. لنخلع القبعات لبيـكواتنا و نرفع شارات النصر لهم و نتبادل الانخاب في صحتهم و.... « كاسك يا وطن» و « ﭽُقة مصطفى»...!