المنبرالحر

الأسئلة الصماء في السياسة العراقية/ ئاشتي

في ليالي صمت العبث الغجري لا تبيح لنفسك غير أن تستلقي على ظهرك وتتابع عد النجوم والتي تغلط في عدها رغم سواد الليالي، لاسيما وأن اهلك قد حذروك من الإشارة على النجوم بأصابعك كي لا تصاب بالثأليل، فما بالك والنجوم تحيط بكل دائرة حزنك السومري أنت المبعد والبعيد عن جنة تخيلتها جنة الله على الأرض حيث النـُعُم الإنسانية تتراكم على البشر مثلما يتراكم الخير في طبق شحاذ أعمى وهو يداعب حبات مسبحته ويترنم في آيات من الذكر الحكيم لعله يستدر عطف البعض من العابرين لكي يلقوا عليه بما تملك أيمانهم، وقد لا يختلف الأمر كثيرا في السياسة العراقية أو لمن يصوغ السياسة العراقية، حيث أن الكثير من التداخل في صياغتها جعل منها أو من قادتها شحاذين على حدود البلدان المجاورة وغير المجاورة، مما أدى بها إلى ضياع ملامحها كاملة وصاغت لنفسها أسئلة صماء عجز المواطن البسيط أن يجد جوابا لها مثلما عجزت عقول قادتها في تفسير بعض مسببات صياغة هذه الأسئلة، والأنكى من ذلك أن قادة السياسة دوختهم هذه الأسئلة فما عاد في مقدورهم البحث عن أجوبة لها، وقد لا نأتي بجديد عندما نذكر حالة التخبط والضياع في عدم اختيار حكومة مركزية إلى الآن رغم مرور ثلاثة أشهر على انتهاء الانتخابات النيابية.
في ليالي صمت العبث الغجري لا تبيح لنفسك غير أن تستلقي على ظهرك وتتابع النجوم، وهذه الحالة من الاستلقاء قد تعيد إلى ذاكرتك أحداث تاريخ قريب كنت أنت أحد شهوده، ففي نهاية العقد التاسع من القرن الماضي وبالتحديد في نهاية آب عام 1988، بدأ النظام الدكتاتوري حملة الأنفال الثالثة، وكانت الأحزاب السياسية التي تخوض الكفاح المسلح ضد النظام تملك الأرض والسلاح والظهير الشعبي، والنظام لا يملك غير جيش أنهكته الحرب ضد إيران وبعض المرتزقة من أبناء كردستان، وبمجرد تدفق الآليات العسكرية وبعض قطعات الجيش انهارت الحركة المسلحة خلال أيام قليلة وبدأت الهجرة إلى البلدان المجاورة، وهنا أود أن أطرح سؤال أصم من أسئلة السياسة العراقية، كيف تسنى لبضعة الآلاف من (داعش) أن تحتل ثلث مساحة العراق والحكومة عاجزة إلى الآن من استعادة بعض مما احتلته هذه العصابات، رغم أن الحكومة أعلنت عن قتلها خمسة الآلاف من داعش خلال شهر تموز فقط.
في ليالي صمت العبث الغجري ليس لي غير أن استعيد أسئلة ادونيس إلى الأسلاف
(أيها الأسلاف الذين أخذهم الموج
إلى الأبد،
هل تقولون لنا،
أين تلك المرافئ الخفية التي كنتم تتجهون إليها)