المنبرالحر

لا تلعبوا بالنار يا حكام بغداد / صادق محمد عبد الكريم الدبش

سبق ونبهنا عن الكثير من الذي يجري في العراق ، وكيف تدار العملية السياسية ، والمخاطر المحدقة بها ، ونتيجة منطقية للنهج الخاطئ والمدمر للعملية السياسية وأسلوب أدارة الدولة ومؤسساتها المختلفة ، وهي أدارة غير ملمة بمسؤولياتها وغير واعية وجاهلة لفن الادارة كونه علم كباقي العلوم ، ومن يتصدر المسؤولية وخاصة في الخط الاول والثاني وما دون ، عليه أن يكون مأهلا علميا وتربويا وسياسيا وأداريا ، ويمتلك من الخبرة والحنكة السياسية والكفاءة التي تأهله للقيام بمسؤولياته على الوجه الأكمل .
كانت الدولة وما زالت تدار بشكل أرتجالي !..ومن دون تخطيط ، فترى الجميع مسؤول ومن دون ان يعرف مهماته وواجباته ، وأين تنتهي مسؤوليته ومن أين تبدء ، ومثل ما يقول المثل الدارج ( نعجة وألف راعي ) ومن هنا تبدأ المصائب التي صبت على رؤوس شعبنا ، ومن هنا بدئنا نسير نحو المجهول ، ومن خلال هذا النهج بدئنا نفقد مقومات الدولة ، والسلطة أبتلعت الدولة ، والسلطة تم تقاسمها وتحولنا الى كونتانات سلطوية ، وصار العراق أشبه بأمارات حرب !...وتمت القسمة بالتراضي وحسب ثقل هذا الأمير أو ذاك ، ووصل الحد بنا بدأنا نقسم المقسم !..ونجزء المجزء ، لأن تعدد الحيتان الممسكة بمقدرات البلاد والمهيمنة على السلطة والجاه والمال ، ونتيجة هذا التراكم الكمي وظهور سماسرة جدد يضافون الى الحيتان التي كبرت نتيجة عملية التفريخ ، فقسمت الوزارات والمؤسسات والمقاولات !..بل كل شئ على مستوى الدولة والمجتمع تم تقاسمه ، ومن المنطقي ان يحدث الصراع والتنافس والأستحواذ على هذه المغانم والغنائم ، وعندما يختلفون نتيجة هذه العملية تبدء المكاشفة ، فينكشف المستور ومن داخلهم ...!وتظهر الفضائح وما أكثرها وما أبشعها وكم حجمها وما تم أبتلاعه من أموال ثابتة ومتحركة ، ولو تم التيقن ومن طرف محايد لشاب من هول هذه الصورة الرضيع ، ولكشفت عواراتهم ووجرائمهم .
منذ العاشر من شهر حزيران المنصرم وحتى يومنا هذا ، أعمت السلطات أبصارنا وأغلقت مسامعنا من شدة الزعيق الذي ينبعث من أعلامهم البائس ، ومن المخولين بأدارة الخبر وتسويقه للمشاهد والمستمع ، ويتبجحون بأنتصاراتهم المزعومة !..والمتتبع لهذه الفبركات الأعلامية الخائبة !...يقول أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق نصرا مؤزرا على داعش والقوى الأرهابية المتحالفة معها ، وشعبنا ( مفتح باللبن ) وما يفوت عليه قرش قند ههههههههه، وقوي الذاكرة ولم يصب بمرض فقدان الذاكرة ( الزهايمر ) يتذكر أحداث الفلوجة حين وعد القائمين على أدارة الصراع وتحقيق النصر ...حين وعدوا بأنهم سيتم لهم النصر وقبل الأنتخابات في30/4 ؟..والفلوجة مازالت كما هي واليوم الأخبار تتناقل عن تمدد لقوى الأرهاب في محافظة الأنبار .
ان هؤلاء الممسكين بدست الحكم ...يبدو أنهم ليس لهم أذان يسمعون بها ولا أبصار يرون فيها ، حتي أنهم يبدو للمتتبع للشأن العراقي بأن هؤلاء قد فقدوا بصيرتهم وليس فقط بصرهم ، والدليل على هذا الأستنتاج ؟!...بأنهم لم يصغو الى نصيحة ومشورة أحد !..ولم يطلعوا على ما يتناوله الكتاب والمفكرين والساسة !..والصحافة ومحطات التلفاز ، وما أكثرها تلكم المواضيع التي تتناول مختلف القضايا ( السياسية والأقتصادية والأمنية والخدمات والزراعة والصناعة ..والميليشيات التي لو تجمع المواضيع التي تناولت ما تقوم بها الميليشيات ، وأنشطتها المخالفة للدستور والقانون ، بل العابرة لكل الأعراف والقيم والقوانين والدستور ، لو جمعت هذه لعملنا منها مجلدات ) !!..ولأخذ الكثير منها لتدرس في المرافق العلمية والثقافية !....هل تراجع السلطة الحاكمة اليوم ، وتأخذها كمصادر لتطبيقها على ارض الواقع ، لما لهذه الملاحظات من أهمية بالغة ، وتأخذ ما تراه صالحا ومفيدا في بناء المؤسسات على أسس علمية ومطابقة للمصلحة العليا للبلاد ، وتتماشا مع الدستور ، أنا وأقولها بثقة تامة ، لو يأخذ هؤلاء بالكثير الذي ينشر لأصبح لدينا اليوم دولة .مؤسساتية ودستورية راقية ، لا دولة فاشلة تتقاذفها الصراعات والخلافات والنزاعات ، بسب الطائفية السياسية والمحاصصة والتخندق في كل ما يمزق وحدتنا ونسيجنا الأجتماعي .
الفرص لن تتكرر كل يوم وتلافي الخطأ في حينه !..أفضل من أن تتلافاه بعد فوات الأوان ، وهنا يكون موقع المتبصر والوطني الحقيقي والأمين والموضوعي في معالجاته وقراراته والذي يرسم سياساته على أساس الخبرة والدراية والأستشارة وتعدد الأراء ، لأن العمل ..وكل عمل هو أنجاز أجتماعي ولا يمكن أن يكون غير ذالك .
بالأمس كان قضاء سنجار والكارثة التي حدثت بحق أخوة لنا ...تم تهجيرهم وسبيت نسائهم ...وهدر ت دماء الكثيرين من هذه الطائفة ، وقلنا وبالفم المليان ، عليكم أن تجيشوا كل أمكاناتكم وتعبؤوا الرأي العام الداخلي والعربي والدولي وأستنهاض الهمم ، والطلب من مجلس الأمن الدولي بالمساعدة العاجلة والسريعة ، لأن الأمر خطير وما بحوزة القوى الأرهابية ربما يفوق أمكانات وقدرات الحكومة العراقية ، ونحن نعرف القوى الأمنية وأمكاناتها وقدراتها ، وسبب تدني أدائها وما أرتكب من أخطاء جسيمة في أعداد وتجهيز وتمون وتأهيل هذه المؤسسة الهامة ، وغياب الكادر القيادي لها ...والتي هي عماد كل دولة تبني حاضرها ومستقبلها على أسس صحيحة ، رغم هذا فلن نلمس أي جهد على أرض الواقع للبحث عن معالجات أنية وسريعة لأخراج القوى الارهابية من ارض العراق وأنتشال أبناء شعبنا من غطرسته وجبروتهم ، وأيغالهم بالجريمة والعبث بأرواح الناس الأبرياء .
واليوم تمكنت القوى الأرهابية من التمدد في مناطق قضاء تلكيف وبرطلة وبعشيقة ومناطق اخرى ، مما عرض الألاف من أخوتنا وأهلنا المسيحيين الى أفدح المخاطر ، وأضطر الألاف الى الهروب نحو مناطق أقليم كردستان العراق حتى الحدود التركية ، والممسكين بدست الحكم في تسابق مع الزمن !..ويخوضون صراع الجبابرة والأقوياء لنيل ما يمكن نيله من السلطة والمال والجاه ، والناس في هذه المناطق ومناطق اخرى يلتحفون السماء ويفترشون الأرض ، وهم فاغري أفواههم وشاخصين أبصارهم لمعيل يعيلهم ورحيم يرحم أطفالهم ونسائهم وكبار السن منهم ، أني أرى الأمام الحسين ولوائه وعشيرته يذبحون من جديد !...في سنجار والموصل وتلكيف وبرطلة وبعشيقة ...ولا معين يعينهم ويأخذون سبايا من قبل مغول العصر الى سوريا ومناطق أخرى ، ويعتبرونهم غنائم حرب وتسبى النساء وتستباح الحرمات وتزهق الأروا ح ومن دون حسيب ولا رقيب .
أين المروءة والشهامة والغيرة ، أين أنسانية الأنسان ؟..لماذا لا يتحرك الضمير الأنساني كشعوب ودول ؟ لم أرى ما يدل على أن هناك منظومة قيمية وأنسانية تحرك المجتمع الأنساني ، وكذلك صوتنا مازال خافتا وغير مسموع ولن يصل حتى لحكامنا الغارقين في سباتهم العميق تجاه ما يعانيه شعبهم !...وما يخصهم فهم متيقظين ومتبصرين لذلك !...تبا لكل أفاك مبين !...وسحقا لكل من ينطق لسانه بالحق !...وبالفعل يحيد عنه ويجافيه ويمقته ،ويرفضه .
أن الذي يعانيه شعبنا من كوارث ومحن !...من موت وخراب وتجويع ...من أرهاب وتخويف ومسخ للنفس البشرية !؟..أنتم مسؤولون عنه ، وتماديكم في الأبتعاد عن كل ما يصب في مصلحة شعبنا طيلت السنوات العشرة العجاف ، لهو نكوض بالوعود وحنث بالقسم الذي أديتموه أمام شعبكم ، كل هذا سيتحول الى نار تحرقكم وتستسل من أرواحكم وأفئدتكم كل ما جنيتموه بسلوككم الأهوج والوضيع !...أقول كلمة أخير ة لكل من أستهان بشعبنا وقدراته وأصراره على ألحاق الهزيمة بكل من سرقه وجوعه وأستباح كراماته وسرق البسمة من عيون أطفال العراق ، أقول لكل هؤلاء !...سينتصر شعبنا يوما ...وسيحاسبكم على ما جنته أيديكم من أثام وجرائم ...وكما قال الشاعر ( الشعب ما مات يوما ....وأنه لن يمو تا ، أن فاته اليوم نصر ففي غد لن يفوتا )....ولتعمل كل قوى والتقدم والسلام والخير ....وبروح الفريق الواحد من أجل الخلاص من هذه الزمر الباغية ، ومن أجل عراق أمن ومستقر ورخي