المنبرالحر

لبّوا مصالح الناس، ينتهي الارهاب! / مرتضى عبد الحميد

يتعامل قادة بلادنا المنكوبة، مع قضية الارهاب، كما لو أنها قدر مسلط على هذا الشعب المسكين، او طلسم لا يمكن حل الغازه، ومعرفة حيثياته و اسبابه، وبالتالي لا يمكن وضع الحلول المناسبة له، والخلاص من شروره. ولذلك تراهم يتقاذفون كرة الاتهامات والتخوين فيما بينهم، واذا اعيتهم الحيلة، تشبثوا بشماعة المؤامرة والتدخل الخارجي، وهي كلمة حق يراد بها باطل، فهم الذين وفروا لهؤلاء الفرصة الذهبية ليتدخلوا في عراقنا ويعمقوا جراحاته.
ان الاسباب الحقيقية للمأساة التي نعيشها اليوم، سيما الانفلات الامني وسطوة الارهابيين، واقتطاعهم ما يقارب ثلث مساحة العراق، يعرفها المتنفذون جيداً، لكن الفشل الذي اوصلوا البلد اليه، يدفعهم الى الكذب والتنصل من المسؤولية، والاستمرار في حرف انتباه ووعي المواطنين بهدف البقاء في السلطة اطول فترة ممكنة.
انهم يعرفون ان أس البلاء هو المحاصصة المدمرة، التي ارتضوا ان تكون الفيصل في بناء الدولة، بديلا عن المواطنة، وكانت الحصيلة كما هو متوقع، دولة فاشلة بكل المقاييس، لم تستطع لحد الآن القيام بأبسط واجباتها تجاه مواطنيها. لقد شخصت العديد من الاحزاب والقوى السياسية، ومنها حزبنا الشيوعي العراقي، اسباب ودوافع ازمة نظام الحكم في العراق، واتفقت ضمنياً على سبل معالجتها، بدءاً من ضرورة القضاء على السرطان الطائفي، واعادة بناء مؤسسات الدولة على وفق الكفاءة والنزاهة والوطنية، فالعراق ملك لجميع ابنائه، ولا يحق لحزب او قومي او طائفة، ان تجيّر العراق باسمها، ولا ان تحول الآخرين الى رعايا يتحكم بهم مزاج الحاكم او المسؤول.
ان الملف الامني، وكما يعرف الجميع، هو مفتاح عملية الإصلاح السياسي والإداري المنشودة، ويتفق اصحاب العقول النيّرة والضمائر الحية، على ان اعادة بناء القوات المسلحة بعيداً عن الطائفية السياسية، يجب ان تقترن بحزمة واسعة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي المقدمة منها، توفير الخدمات الضرورية لمعيشة الانسان، ومكافحة الفساد المالي و الاداري، وامتصاص البطالة، واعادة الحياة الى الصناعة والزراعة، والقطاعات الانتاجية الاخرى، واحترام الحريات العامة والخاصة، و اطلاق سراح الابرياء من السجون، والابتعاد كلياً عن استغلال السلطة لتهميش الآخرين واقصائهم عن المساهمة في صناعة القرار السياسي، وعدم الاستقواء بالمليشيات مهما كان لونها وطعمها ورائحتها، ولا بالاجنبي، عربياً كان ام إقليمياً ام دولياً، فهؤلاء لا تهمهم مصلحة العراق لا من قريب ولا من بعيد. وقبل هذا وذاك الاسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لا حكومة الضحك على الذقون، وتفعيل دور مجلس النواب، تشريعياً ورقابياً، بعيداً عن المشاهد الكارتونية التي يزخر بها، الامر الذي سيعيد ثقة المواطن بالحكومة وبالنظام السياسي- الاجتماعي، ويقلص كثيراً من حجم ومساحة الحاضنة ال?عبية والاجتماعية لـ «داعش» ولغيرها من المنظمات الارهابية المجرمة، التي استغلت عدم الاستجابة للمطالب المشروعة لفئات واسعة من العراقيين، ووظفت تذمرهم واستياءهم الشديدين لصالح مشروعها الظلامي الهمجي.
من يريد القضاء على الارهاب، وإنقاذ البلد من محنته، عليه ان يتبع هذا المسار، وغيره الكثير. فبدون الاستجابة لمطالب ومصالح الناس لا يمكن هزيمة الارهاب، ولا يمكن تحقيق أي نجاح، حتى لو استخدمنا الميكروسكوب لرؤيته.