المنبرالحر

لتكن مدينة آمرلي نموذجاً للتصدي/ حيدر سعيد

لقد اعتقد الداعشيون الاوباش ان الطريق الى بغداد سهلاً ، لاسقاط العملية السياسية والتجربة الديمقراطية الوليدة لما يشكلانه من خطر على المتسلطين الاعداء ، كما نٌقل اليهم عن طريق حلفائهم في الداخل وما يعرف في لغة السياسيين( بالحواضن ) وما شجعهم في ذلك سقوط الموصل السريع لاسباب ماعادت مخفية على ابناء شعبنا العراقي ، في مقدمتها غياب المواطنة وحب الوطن والارادة من قبل البعض !! الذين ملؤوا الاجواء باستعداداتهم لمجابهة الاعداء !! و ما أن بدأت المعركة مع الاعداء حتى سابقوا الريح هرباً ، وتركوا المقاتلين في حيرة من امرهم ، والسبب هو ان هؤلاء القيادات العسكرية والسياسية عملت على قتل الروح الوطنية والمبادرة لدى الجيش العراقي ، جاعلين منه اسير الاوامر الجامدة .

لكن هذه النكسة لن تستمر طويلا ، فسرعان ما عادت المبادرة لدى الجانب العراقي ، رداً على التخاذل والذلة ، وانتصاراً للكرامة والعزة العراقيتين ، والتي لم يحسب الارهاب لها حساباً .

فكانت آمرلي هذه المدينة الصغيرة بحجمها، الكبيرة في وطنيتها وحبها للوطن وارضه ، تقف شامخة بوجه داعش الارهابية وحلفائها ، لتضرب اروع امثلة للبطولة والتصدي بوجه الغزاة ، وتعطي درساً من الشجاعة والبسالة والتمسك بالارض والذود عن الشرف والكراة العراقية ، وتقول لهؤلاء البهائم انكم واهمون ولن تستطيعوا المرور الى بغداد وسواها الا على جثثنا ، وان حلمكم سيقبر هنا وعلى ارض آمرني .

لقد خاطب البواسل الاباة اهل آمرني عن طريق هذا الصمود الدواعش ، بقولهم : اذهبوا لخليفتكم البغدادي وقولوا له: باننا هنا جاهزون لاستقبال مرتزقته ولن نغادر هذا المكان الا على اجسادنا ، واذا كان لم يطلع هذا الغبي على تاريخ نضال الشعب العراقي وقواه المخلصة وكيفية تصديها للغزاة ، فسوف نريه هنا كيف تمتحن المعادن ؟ وكيف يصان اللقب السامي لوطنية العراقيين وهيامهم في حب وطنهم وشعبهم .

ان صمود آمرني البطلة لمدة شهرين مستندة على امكانياتها الذاتية دون ان تحرك الحكومة بمؤسساتها ساكناً، لم يفل من عزيمتهم، لكن ذلك التقصير من قبل الحكومة يجعل ابناء شعبنا بعربه وكرده وبقية اقلياته، تستنكر هذا الموقف المتفرج ، وتهيب بالحكومة ان تسرع في مساعدة مدينة آمرني وتشد على ايدي ابنائها الابطال وتخذ من صمودهم حافزا يعمم على بقية مدن العراق لكي تشعل الارض بوجه الغزاة وتجعل من ارض العراق مقبرة لهم ، وتلقنهم درساً لن ينسوه بعد اليوم ، ولن يعيدوا الكرة ثانية .

ان شعبنا العراقي يفتخر ببطولة هذه المدينة التي لم تأت من فراغ وانما من ايمان ابنائها بالارض والوطن وفهمهم ووعيهم بطبيعة الغزاة الفاشيين ،حتى قورن صمودها بمدينة استالين غراد السوفيتية التي صمدت بوجه الغزاة النازيين والتي استمرت معركتها 200 يوم منذ يوم 17 تموز 1942 حتى 2 شباط 1943 ، انتهت باستسلام القواة الغازية النازية . قٌتل خلالها حوالي ميلوني شخص من الطرفين .

ان آمرني ستُخلد تاريخياً كصفحة بيضاء من تاريخ نضال شعبنا العراقي بعربه وكرده وتركمانه وايزييديه ومسيحيه وصابئته ، وستكون رمزاً للشجاعة والاقدام والبطولة يستلهم منها ابناء شعبنا الايثار والاصرار والصمود والتصدي .