المنبرالحر

آنَ الأوانُ و لاتَ حينَ عذرُ / ثائر فاضل

أَطلَّ علينا مساء السيدُ نوري المالكيُّ مبشِراً ولأَولِ مرةٍ، بانتهاءِ عهدٍ عانى منهُ حتى الطيرُ في السماءِ والسمكُ في الماءِ فكُنَّا معهُ كراكبِ الصعبةِ إِن أَشنَقَ لها خَرِمَ، وإِن أَسلَسَ لها تَقَحَّمَ.( أَي كالفَرَسِ الصعبةِ الطباعِ إِن شَدَّ لِجامَها إِليهِ بقوةٍ كي يمنعَها من العَدوِ برعونَةٍ، اختَرَمَ شدقَهَا أي شَقَّ فمَها ، وإِن تركَ لها لجامَهَا انطلقتْ تسابقُ الريحَ فتُورِدُهُ مواردَ الهَلَكَةِ). فكانَ ما كانَ مِنَّا ومنهُ.فكأّنَّ لسانَ حالِنَا اليومَ يقولُ : ماتَ الملكُ، عاشَ الملكُ ،يحيا الملكُ.!
ذهبت إلى غيرِ رجعةٍ رهبةُ الحُكَّامِ والخوفُ من سطوتِهم ، فها نحنُ اليومَ نفتَتِحُ الصفحةَ الأولى من صفحاتِ العهدِ الجديدِ " عهدِ سلطةِ الشعبِ وصندوقِ الاقتراعِ ، هي سلطةٌ أَعلى بكثيرٍ من مقامِ الحاكمِ ، وأقوى من جبروتِهِ ، فلا عرشٌ يصمِدُ في وجهِ الشعبِ إذا أرادَ كسرَهُ وتغييرَهُ. وأدركَ كذلكَ نوابُ البرلمانِ أَنَّهم إِذا تكاتفوا و اتفقوا على رأيٍ واحدٍ فلا سلطةٌ لحاكمٍ عليهم ، وقد اهتدوا أخيراً إلى طريقِ التغييرِ فلن يقفَ بعدَ اليومِ أحدٌ مهما كانت صفتُهُ أو عنوانُهُ حجرَ عثرةٍ في طريقِ التقدمِ والنهضةِ، ونحن اليومَ أمامَ معركةٍ فُرِضَت علينا من جموعِ الظلاميينَ والمرتزقةِ والموتورينَ. فلنجددَ الهمةَ والعزمَ ونتكاتفَ يداً بيدٍ لدحرِ قوى الإِرهابِ الجبانِ الذي دأَبَ على استهدافِ الأبرياءِ الآمنينَ العُزَّلِ. وإِنَّها لمعركةٌ هَيِّنَةٌ إذا ما قِيسَت بمعركةِ الإِصلاحِ المصيريةِ مع المُفسدينَ المُتَغَوِّلينَ الذينَ عاثوا في الأَرضِ فساداً، فهؤلاءِ همُ العَدُوُّ الأَشَدُّ ضرراً وفتكاً بالمجتمعِ فهم العَقَبَةُ الكَأداءُ في طريقِ التقدمِ والازدهارِ وتحقيقِ العدالةِ الاجتماعيةِ. انهضوا يا شُرفاءَ العراقِ وَضَعوا أيديَكم بأيدي مَن صوَّتُّم لهم واخترتموهم ليقوموا بواجبِهم اتجاهَ شعبِهم ووطنِهم. وأنتم يا قادةَ البلدِ ما عادَ لكُم عذرٌ ولمْ يَعُدْ في قوسِ الصبرِ منزعٌ . هُبُّوا لإِكمالِ ما قَصَّرَ فيه من كان قبلَكم ولتكونوا خيرَ خلفٍ لشرِّ سلفٍ وشَمِّروا عن سواعِدِكم لإقرارِ القوانينَ المعطلةِ كقانونِ الموازنةِ العامةِ الذي أصبحَ نكتة سَمِجَةً يَمُجُّهَا كلُّ ذوقٍ سليمٍ ، وقانونِ العفوِ العامِ الذي ينتظرُهُ الآلافُ منَ الأَبرياءِ الذينَ يقبعونَ في غياهِبِ السجونِ منذُ سنينَ بلا ذنبٍ أو جريرةٍ . ولتلتفتوا أخيراً إلى شعبِكم الكادحِ من عمالٍ وفلاحينَ وكسبةٍ وعاطلينَ عن العملِ ومتقاعدينَ .كافئوهم على صبرِهم عليكم وعلى من كان قبلَكم بما يستحقونَ من خدمةٍ ورعايةٍ وعدالةٍ اجتماعيةٍ. فالتأمينُ الصحيُّ والبطاقةُ التموينيةُ والأمنُ والعلاجُ والغذاءُ والكهرباءُ التي نرجو أن لا تُصَدِّروها قبلَ أن نشبعَ منها حدَّ التخمةِ والمللِ. حققوا مصالحةً وطنيةً حقيقيةً تَصدُقُ فيها النِيَّاتُ ، اجتثوا الطائفيةَ المقيتةَ من جذورِها وقولوا لا للمحاصصة الاثنية والعنفِ والتهجيرِ. أَعيدوا البسمةَ التي سُرِقَت من وجوهِ الأطفالِ، لا تقتلوا الحبَّ في قلوبِ الشبابِ بدِّدوا القلقَ والوجومَ من وجوهِ الأمهاتِ والشيوخِ، أعيدوا الكرامةَ المسلوبةَ للمهجرينَ و حققوا السِلمَ الأهليَّ واحفَظوا كرامةَ الشعبِ في قُوتِهِ وحَسِّنوا مفرداتِ البطاقةِ التموينيةِ و أَمِّنوا وصولَها إليهِ في موعدِها كي يأْمَنَ الفقيرُ على قوتِ عيالِهِ. أطردوا داعشَ إلى غيرِ رجعةٍ، أعيدوا الحُبَّ والوئامَ إلى مجتمعِنا فهوَ رصيدُ العراقيينَ وحِصنُهمُ الحصينُ إِنْ ضَيَّعُوهُ ضاعُوا معهُ ، واهنَؤوا بعدَ كلِّ هذا إِنْ فعلْتموهُ حقاً بخيراتِ البلدِ وبامتيازاتِكم ولكنْ برِضَا العراقيينَ ومباركتِهِم هذهِ المرةَ عن طيبِ خاطرِ، فأنتم حينَها تستحقونَ كلَّ الاحترامِ والتقديرِ بل وحتى التبجيلَ إِنْ شئتم.