المنبرالحر

موازنة الأوهـام / قيس قاسم العجرش

ليتحملني القارئ على فضاضة فوضى الأرقام التي سأذكرها، والتي أعرف ثقل وقعها على الأسماع وأعرف أنها دوخة راس، لكن لنقل إنها مشكلة لا بد أن نواجهها كلنا.
الموازنة العامة في العراق هي مقدار الواردات التي تتوقعها الدولة خلال السنة ومنها تصرف النفقات بكل اشكالها.
ميزانية العام الحالي تم تقديرها بحوالي 135 مليار دولار، بسعر تقديري للنفط يبلغ 90 دولارا،على ان يصدّر العراق 3.4 مليون برميل يومياً، منها 400 الف تصدّر من اقليم كردستان. وتم احتساب الواردات الكلية لتكون 116 مليار دولار(الموازنة تقر إبتداءاً بوجود عجز يبلغ 19 ملياراً).
لكن هذا لم يحصل لغاية الآن، لا الاقليم تمكـّن من التصدير ولا نفط البصرة او كركوك وصلا للرقم 3 ملايين برميل يومياً، وهو ما كوّن نقصاً في الموازنة يسمّى العجز.
ولغاية الاول من آب الحالي كانت مداخيل العراق قد بلغت 55 مليار دولار وبهذا المعدل فإن الشهور الباقية من السنة قد تجلب 39 ملياراً في احسن الأحوال.
وبجمع المبلغين وطرحهما من الموازنة نكتشف ان العجز سيبلغ 41 ملياراً تقريباً .هذا يعني ان اي تمويل أقرّته الحكومة سواء في مدفوعات الأجور او المشاريع أو اي مستحقات أخرى سيُنزل من حجمها 22بالمائه
ومهم أن نعرف ان الموازنة الاستثمارية لهذا العام (المشاريع) تبلغ 51 ملياراً بينما تبلغ التشغيلية(رواتب ومدفوعات واجور وخدمات) 81 ملياراً.
في العام الماضي كانت نسبة تنفيذ المشاريع(الموازنة الاستثمارية) في عموم العراق لا تتجاوز 50 بالمائه كمعدل، اي ان نصف ما تم تخصيصه لم يُصرف بالأصل. أما في العام الحالي فالنسبة يتوقع ان تتدنى لتكون 15 بالمائه فقط.
هذا يعني ان 51 مليار دولار من المشاريع لن يتم صرف أكثر من 7- 10 مليار منها في احسن الاحوال، ومن هنا فلن يكون هناك عجز مؤثر بل سيكون بدلاً منه تراجع خطير على مستوى الخدمات والتطور، وتتعطل الآن فعلياً اكبر مشاريع الاستثمار في البناء والتطوير.
وهذا يدفعنا أيضاً للتساؤل عن قرار مجلس الوزراء المنتهية ولايته بـ (تسليف) بعض الوزارات مبالغ من دون اقرار للموازنة على ان تسدد وتسوّى هذه السلف لاحقاً. يعني ان الحكومة المنتهية ولايتها قد صرفت مبالغ خارج الموازنة وحتى من دون اقرارها، وصرفتها بطريقة (إنتقائية) على عدد معين من المشاريع هي ارادته حصراً.
الحكومة المقبلة أمامها تحدٍ كبير اسمه ضغط النفقات، وهو ليس اختياراً بل اضطراراً أو ان نستمر بموازنات الأوهام الى أجل غير معلوم..من اجل خراب أكبر.
الإختياران حاضران وممكنان.