المنبرالحر

حيرة الناس بين الدواعش وأصحاب المطالب/ عادل كنيهر حافظ

لقد اسبتشر أبناء العراق خيراً ، بعد أن ظهر رئيس الوزراء المنتهية ولايته السيد نوري كامل المالكي ، وأعلن من خلال شاشة الفضائية العراقية ، سحب ترشيحه لصالح رفيقه حيدر العبادي ، عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامي ، الذي يتزعمه المالكي نفسه . الأمر الذي هيأ الكتل السياسية للدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة ، ورغم أن لا أحداً يأخذه الاعتقاد ، إلى أن أزمة العراق المركبة ستحل في المدى المنظور ، لإدراك المتتبع لأوضاع العراق ، لماهية وحجم الأزمة التي تعصف بالبلاد ، ولكن المهم هوَ أن يُعقد العزم على السير في طريق البحث عن حلول لتلك الأزمة ، التي راحت تضرب أطنابها في كل مناحي حياة الناس في العراق ، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم كما يقال في المأثور العراقي . والخطوة الأولى على سبيل حل المشاكل ، هي تشكيل حكومة تأخذ على عاتقها إدارة أمور البلاد ، رغم إنها لن تكون الحكومة التي يريدها التيار الديمقراطي قطعاً ، وإنما ننتظر دون ريب ظهور النسخة الثالثة لحكومة المحاصصة الطائفية ، ربما سيحصل تحسن في الأداء ، بسبب ضغط المثل السيئ للحكومة السابقة في إدارة الدولة ، المهم قد سارت الجهود باتجاه حل مشكلة تشكيل الكابينة الوزارية ، وتحت سقف زمني لا يتجاوز الثلاثين يوماً ، كما حدده الدستور العراقي ، وكان من الوطنية والشعور بالمسؤولية بمكان ، أن تتسارع الخطى ، وتتضاعف الجهود ، وتقنن الأحقاد، وتخفض المطالب ، ويحكم المفاوضات شعار التنازلات المتبادلة ، خدمة للمصلحة العليا للشعب والوطن . حيث تئن العباد والبلاد من هول المحنة ، التي مابرحت تعذب الناس وتحشرهم في دهاليز بوتقتها المرعبة ، الحال الذي يرفض ولا يتحمل المماطلة والتسويف ، وهدر الوقت بقضية تطمين المصالح الخاصة للكتل السياسية الكبيرة ، المعنية بتشكيل الحكومة .

فهل تستجيب لمنطق العمل الوطني ، وتعجل في تكوين الوزارة من خلال التخفيض من سقف ما تسميه { مطالب } ، والتي هي تعبير محور، لمقدار حصتها من غنيمة السلطة ؟ وهنا يبدو الجواب يميل إلى السلبية ، ويجافي ما هو مرتجى ومؤمل ، بعد أن صرح قادة كبار في تلك الكتل ، بأن كياناتهم السياسية لن تساهم في الوزارة ، إذا ما تلبى مطاليبها أولاً ،هذا ما قله القيادي في القائمة الوطنية ، الدكتور محمود المشهداني ، كما أن السيد هوشيار زيباري ، الذي يقود وفد الأكراد في مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية ، قال جئت إلى بغداد بصفتي وزير خارجية العراق ، ولدي ورقة مطالب الإتحاد الكردستاني ، سوف أطرحها للنقاش ... . وبعد هذه التصريحات بدأ فضاء التفاؤل يتقلص ، و يكاد أن يتجاسر سيف التشائم على رقبة الأمل في قرب تشكيل الوزارة ، الحال الذي يذكر العراقيين بكيفية ولادة الحكومة المنتهية، وكم أخذت من الوقت المُعذِب، مما يثير التساؤل لدى الواعين من المواطنين ، عن مدى بقاء هذه الظاهرة الغريبة على الديمقراطية وآليات التبادل السلمي للسلطة ؟ ولم يحدث لأحد أن قرأ أو سمع ، عن كيفية النموذج العراقي لتشكيل الحكومات ، حيث يستبطن هذا النموذج الغريب طريقة عجيبة ، لا تمت من قريب ولا من بعيد بأي صلة ، لمصالح الشعب والوطن ، وهي التي يمكن التعبير عنها بالقول الشعبي { لو ألعب لو أخرب الملعب } إما حصتي من الغنيمة ، أو أعرقل تشكيل الحكومة !! لأن كلا من الكتل السياسية العراقية الثلاث المتنفذة ، يعرف أن الحكومة لا تتشكل بغيابه . عليه ضرورة تلبية مطالب كتلتنا ، وإلا نحن في حل من تشكيل الحكومة ، كما يقول المشهداني لوسائل الإعلام . أما المتطلبات واستحقاقات المواطن والخدمات ودرئ خطر داعش وغيرها ، فهي تأتي في عرف القوى السياسة النافذة ، بعد تحقيق مطالبها الخاصة . لذلك تتكاثف معطيات الخيبة ، وتتكامل عناصر الحيرة عند المواطن العراقي ، حالما يجد نفسه بين رعب داعش ومطالب الكتل السياسية الخاصة . ويبقى الجواب مرهونا بقدرة الشعب العراقي على تحمل الضيم ، وهمة أبنائه الأبرار من القوى الديمقراطية والوطنية ، ومن تعزُ عليهم مصلحة البلاد .