المنبرالحر

عدو عدوي ...صديقي/ د.محمود القبطان

هذه المأثرة في السياسة العالمية حيث تشابه لا عدواة "ولا صداقة" دائمة وانما مصالح دائمة هي الأهم في عالم اليوم. وبالتالي تكون المصالح الدولية هي نتاج العلاقات الاقتصادية السياسية ووفق هذا المنظار يتحكم اليوم أسلوب التعامل مع الدول "المارقة" أو "الشيطانية" أو الدول "الديكتاتورية" مع أو ضد.

أمريكا هي التي أسست منظمة القاعدة الإرهابية ضد الاتحاد السوفيتي حينذاك في أفغانستان للقضاء على الحكم وقتها, وفضلت أمريكا والغرب والسعودية تشكيل ومساعدة القاعدة بكل الوسائل الممكنة للقضاء على الحكم الأفغاني ,ونجحت وخرج السوفييت من أفغانستان وجاء دور الطالبان ليهدم ما تبقى من نظام هناك وفرضوا أشكالا من تطبيق" الشريعة " مالم يتصوره ألأمريكان أنفسهم, فأنقلب السحر على الساحر وأرسلت أمريكا والغرب بقواته الى أفغانستان للقضاء على الطالبان وما زالت تفعل ذلك بدون جدوى حيث المجتمعات المتخلفة والتي تعيش في القرون الوسطى والنفس القبلي هو ما يقوي حركة طالبان الإرهابية حتى بعد إزاحتها من الحكم قسرا. وتستمر القاعدة لتنتشر في الدول "الإسلامية" وتبعث الرعب والقتل وقطع الرؤوس وفرض "الشريعة" على المناطق التي تعمل فيها أو تحتلها ولتشكل إنذارا جديدا للعقل الأمريكي والذي اكتوى منها في 2001 أيلول بتفجيرات لم يُحل لغزها ليومنا هذا.

وبتشجيع سعودي – قطري انتشرت هذه القوى الإرهابية في الشرق الأوسط وبعض دول أسيا وأفريقيا بأسماء متشابهة لكنها في النهاية من رحم عفن وحيد وهي القاعدة.

بدأت مشكلة المعارضة السورية قبل أكثر من ثلاثة أعوام ومحاربتها الفعلية لنظام بشار الأسد بدعم غير محدود من قبل أمريكا-تركيا-السعودية- قطر, ودخلت المعارضة الحقيقية لنظام الأسد ومجاميع إسلامية عبر تركيا مزودة بدعم كل هذه الدول لحسابات منها طائفية ومنها سياسية ومنها السيطرة على المنطقة من الغول التركي الجديد وتحت يافطة إسلامية حيث سهلت الأخيرة دخول محاربين من دول آسيا وأوروبا واستراليا لمحاربة النظام هناك, لكن في المحصلة الأخيرة تشكلت منظمة أكثر إرهابية من نظيرتها القاعدة والتي ولدت من رحمها العفن نفسه لتدعي إنها الدولة الإسلامية في الشام والعراق(داعش)ولتبدأ جولة صراعات جديد بين هذه المنظمة وباقي القوى المتحاربة من أجل الاستيلاء على السلطة في سوريا. وتبدأ داعش بالاستيلاء على مناطق نفوذ كبيرة وتكتسح مناطق أخرى سيطرت عليها القوى المعارضة هناك وتعطي فرصة للنظام لضرب تلك القوى من محاور عدة بمساعدة جيش ملتزم بالنظام حيث لم ينهزم أمام داعش أو باقي المعارضة السورية لا بل مازال ألأسد ماسكا بزمام الأمور وبقوة , كما يراه أكثر المراقبين. وبعد ضرب ومحاصرة نفوذ داعش انتقلت وبثقل كبير الى العراق لتحتل مدينة الموصل وباقي المدن الأخرى وتقدر مساحة نفوذها بثلث مساحة العراق لتعبث بالعراق وبشعبه في المناطق التي احتلتها أشنع صنوف القتل والتنكيل وبأبشع صوره بكافة مكونات المنطقة بأسم "الشريعة" الخاصة بهم, وواضح جدا تدخل ألأيادي السعودية والقطرية في الامدادت البشرية والمالية, حيث اضطرت السعودية وبضغط أمريكي جدي بطرد الأمير بندر بن عبدالعزيز رجل المخابرات الأول في السعودية لتطرده الى المغرب "لاجئا", والغريب إن قطر والسعودية اختلفوا في مصر واتفقوا في سوريا والعراق. الآن القضية أصبحت أكثر من خطرة على الغرب وأمريكا تحديدا بسبب ممارسات داعش في العراق حيث يهدد الوضع في العراق كل المنطقة لابل يتعداها الى المحيط الأبعد الدولي.ى هربت القوات العراقية أمام داعش وبإعدادها القليلة لتترك الأسلحة المعدات لها و التوغل في الأراضي العراقية وهروب قوات البيشمرگة من مناطق نفوذها واستمرت داعش الإرهابية في تنفيذ مخططها في ترحيل وتهجير وقتل كل من لا يتفق مع رؤيتها القرو- أوسطية المتخلفة ومن كل تشكيلات المجتمع العراقي هناك ومن ثم تبدأ مرحلة جديدة للتحرك الأمريكي العالمي البطيء ضد داعش حيث بعد مناشدات القيادة الكردية بتسليح قواتهم لمواجهة داعش بدأت أمريكا بتنفيذ ضربات جوية مؤثرة ضد داعش وإيقاف زحفها لابل بدأت سبعة دولة أوروبية إضافة الى أمريكا بإرسال المساعدات الإنسانية والعسكرية لقوات البشمرگة بالرغم من القول ان ذلك يتم بالاتفاق مع الدولة الأتحادية في حين تباطأت أمريكا بتسليح العراق وحسب الإتفاقية الأمنية بين البلدين وكان ردها إن أول طائرة أف 16 تصل الى العراق في أيلول أما باقي الأسلحة فلها "وقتها" في حين حسنا فعلت الحكومة العراقية في طلب التسليح من روسيا وتزويدها بطائرات سخوي وعلى الفور تقريبا والبدء بضربات جوية مؤثرة ضد قوى الإرهاب الداعشي.أما الآن وبعد تزايد خطر داعش ليس على العراق وسوريا فحسب وإنما سوف يتعداه الى الأبعد وأخيرا بعد قطع رأس الصحفي الأمريكي على يد إرهابي داعشي

قررت أمريكا وأوروبا الى التعاون مع العدو الأول أيران وسوريا لدحر داعش, فلم يبقى عدو ولا صديق دائم وإنما مصالح دائمة. ومن هنا سوف يأتي التعاون الأمريكي وعبر إيران مع سوريا بقيادة الأسد لدحر داعش لان في ذلك مصلحة مشتركة لكل بلدان ليست المنطقة فحسب وإنما للعالم كله. لكن هل هذا يعني إعطاء الضوء الأخضر لسوريا في الأستمرار في حكم الأسد لها؟ لكنها بالتأكيد هي ضربة كبيرة للمعارضة السورية التي لم تستطع حسم أمرها وتخلخل قدرتها في الوصول الى حل للمشلكة السورية منذ ثلاثة أعوام وتدمير مدن بكاملها والاحتراب فيما بينها ودخول القوى الإسلامية المتشددة في "الحل" الموعود دون الوصول الى حل حقيقي عبر انتخابات ديمقراطية وباشراف دولي أو إزاحة الأسد إن تمكنت من ذلك لكن اعتمادها على تركيا الإسلاسياسية وسياسة أردوغان ضد سوريا بسبب موقفها من حزب العمال الكردستاني ومساعدة سوريا له في وقت مضى فتح اردوغان تركيا مدن حدودية بكاملها أما م داعش وتسليحها لا بل معالجة المصابين منهم في مستشفيات تركيا للضغط على النظام السوري, لكن قد ينقلب السحر عل الساحر حتى في تركيا في أوقات قادمة كما انقلب السحر على الساحر ألأمريكي عبر القاعدة وغيرها لتصل الى عقر دارهم.

الآن, بالرغم من نفي البيت الأبيض التعاون مباشرة مع الأسد لكن هذا لا يغطي ما يرمون اليه وهو ضرب قواعد داعش في أماكن تواجدهم في سوريا وهي مواقع محددة مسبقا للقضاء عليها لدرء الخطر القادم لها ولاوروبا. وسوريا الأن أعطت الضوء الأخضر هي الأخرى للتعاون مع أية دولة للقضاء على الإرهاب. والغاية تبرر الوسيلة, الميكافيلية, مع الأسد أو عبر دولة ثالثة للوصول الى هدف أكبر من المعارضة السورية وهو ضربة داعش وباقي قوى الإرهاب الأسلاسياسي المدمر لشعوب المنطقة والعالم.

هل نرى نجاح التعاون الدولي الحقيقي القادم لاستتباب الأمن في المنطقة؟