المنبرالحر

«السيطرات» قتلتنا مرتين يا سادة / طه رشيد

العراق لم يسترح ولم يعرف الطمأنينة والسكون منذ عقود، رغم التغيير الذي حدث في 2003 ، الذي دفن، وبلا رجعة، حكم الحزب الواحد، وحكم القائد الواحد، وحكم العرق الواحد، وحكم الدين الواحد، وحكم الطائفة الواحدة .. واستبشر الناس خيرا بعودة ابنائهم من المحبوسين في سجون سرية ومن اخوانهم المهاجرين والمهجرين، وخاصة بعد اقرار الدستور والاتفاق على انتخابات برلمانية تقرر مصير البلاد والعباد .. وبقية القصة تعرفونها !
وظهرت لنا للأسف آفة عجيبة غريبة تفوق سياسة الحزب الواحد تعاسة وقهرا وتدميرا، الا وهي المحاصصة الطائفية والتي طبقت باتعس صورها، حتى اوصلت العراق الى ادنى مستوى على كل المستويات ابتداء بالخدمات ولا تنتهي بالقدرة الشرائية للمواطن. حيث اصبح ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر، كل هذا بسبب المحاصصة الطائفية. طبعا لانها وضعت الرجل غير المناسب في المكان المعين وبفضلها ضعف الجيش ضعفا لا يحسده عليه حتى الجيش الموريتاني !
وعاشت بغداد تحت ظل حالة الطوارئ منذ اكثر من عشر سنوات ، وهي حالة طوارئ غير معلنة، لكنها مطبقة بدقة متناهية . ماذا تسمي منع التجول من منتصف الليل حتى السادسة صباحا؟ وماذا تسمي عدم دخول الحي ( المحلة) الا ببطاقة سكن خاصة بالمنطقة ؟ وماذا تسمي عدم دخول المحافظة الا لساكنيها او بكفيل ؟ اما تقطيع اوصال المدينة بالصبات فاذا كان لهذه الصبات ما يبررها في سنوات التحارب الطائفي ، فانها فقدت معناها اليوم .
اما السيطرات فهي لب المشكلة الناتجة عن سياسة امنية، اذا تساهلنا معها، فسنقول خاطئة اذا لم تكن قاتلة. كلما احاول ايجاد مبرر للسيطرات والحواجز فلا اجد غير كونها وتسبب زحاما غير معقول في بلاد تشكو من حرارة لا تحتمل. وهنا يجري قتلنا ببطء شديد من خلال ضغط يومي على القلب والروح والاعصاب . والمرة الثانية تسلمنا لقمة سائغة لداعش واعوانهم القتلة حين يكتظ عدد هائل من المركبات في كل سيطرة فتفجير بالون او شخاطة وليس مفخخة ، سيجعل طشارنا ماله والي !
ارحمونا يا حكامنا الجدد وارفعوا السيطرات لانها لم تقلل عدد القتلى، اذ لم نسمع بان السيطرة الفلانية داخل بغداد قد اكتشفت قاتلا او اكتشفت سيارة مفخخة !