المنبرالحر

المحاصصة ماركة عراقية مسجلة / ئاشتي

تسترد أنفاسك المتقطعة وأنت تسأل عن الذي لا يمنحك الرحمة ولا يدع رحمة ربك تنزل عليك، والرحمة هنا تحمل أكثر من معنى ضمن أطار البحث عن نسمة هواء بارد، لأنها والحق يقال تعبير مجازي عن هبة طبيعية تحمل في ثناياها الراحة والدعة، وهي كذلك تعبير مباشر ساذج حد الضحك عن معنى البحث في المجهول لأن النسمة الباردة في عراق يتلظى لا تتولد إلا من خلال مكيف كهربائي حديث يبعث نسمة هواء شبه باردة تطفئ لهيب الحر اليومي، ويشتغل في المنطقة الخضراء كي يطفئ اللهب المستعر في خلايا جسدك، وذلك لشدة التيار الكهربائي هناك أولا ولعدم انقطاعه ثانيا، وسكان الـ Green Zone بحاجة ماسة إلى نسمة الهواء الباردة هذه، حتى يفكروا بشكل سليم لآن القانون العراقي يمنع عمل المحاكم حين تصل درجة الحرارة إلى الخمسين مئوي، ومن ثم لا يقدم لهم الباذنجان في هذا الظرف العجيب الغريب حتى لا ترتبك أعصابهم ويرتكبون أخطاء ضمن قرارات غاية في الخطورة، لاسيما وهذه القرارات تتعلق بمصير أحزاب ينتمون إليها، وقد صوت شعبنا العراقي العظيم لهم حتى يكونوا ممثلين له في أعلى هيئة دستورية، ولكي لا يخذلو الناخبين لهم لهذا قرروا أن يكون توزيع الوزارات حصصا بين من تم انتخابهم، وهذا حق دستوري لا خلاف عليه !! ولكن الخلاف هل من يترشح من هذه الأحزاب قادر على قيادة الوزارة التي يكلف بها، أم أن ما يجري هو تنفيذ لشعار أصبح متداولا من أن المحاصصة ماركة عراقية مسجلة؟!
تسترد أنفاسك المتقطعة وأنت تسأل عن الذي لا يمنحك الرحمة، رغم أن الرحمة في قاموس الذين يتقاسمون العراق حصصا لم يعد لها مكان، فهم على دراية كاملة ومعرفة تضاهي معرفة أي كائن في الوزارات وما تملك من أبواب للنهب والسرقة، لهذا يشتعل أوار الخلافات بينهم حين يبدأ التحاصص الوزاري، وتقفز على السطح بشكل جنوني رغباتهم في الاستحواذ على الوزارات التي يدر ضرعها أكثر، والذي لا يحصل على ما يرغب، يملآ وسائل الأعلام ضجيجا بوطنيته ورفضه للمحاصصة، وهكذا الحال خلال أحدى عشرة سنة، والعراق منزوٍ ينظر الى ما يجري بعيون دامعة.
تسترد أنفاسك المتقطعة وأنت تعرف معنى الجراح النازفة في جسد وطنك، والحكام مشغولون في التقاسم رغم كل الحزن الذي يغطي سماء وأرض العراق. لهذا ليس لك غير أن تستعيد أغنيتك عن ضياع الفرح:
ضايع فرح روحي
بحزن وجه الوطن
ضايع مثل بسمة طفل
مرسومة عالحيطان
ومضيعه الزمن.