المنبرالحر

ثمن الـتأخير / قيس قاسم العجرش

يبدو أن العالم اجتمع الآن لمساعدة العراق في مواجهة خطر (تنظيم الدولة الإسلامية) الإرهابي. ويبدو أن هذا العالم ادرك أخيراً عواقب الإرهاب حين يستمكن الأرض ويمتلك أسباب البقاء والتوسع.
لكن هذا (الإدراك العالمي) بالذات فيه نظر، وأكثر من وجهة نظر.
لم يبدأ العالم الآن بإدراك خطر التطرّف، بل من غير المعقول ان هذه الدول العظمى بجيوش محللي المعلومات والإستخبارات التي لديها، أدركت (الآن) فقط خطر التطرّف المدعوم بالسلاح والمال ووعاظ السلاطين!
وكيف يعقل إستغراقها كل هذا الوقت لتدرك أن هذه الخلطة الشيطانيّة ستنتجُ غولاً مميتاً؟
لنبدأ أولاً من حقيقة أن العراقيين ومنذ 11 سنة، فقدوا مليوناً ونصف المليون من الضحايا المدنيين نتيجة هذا التطرّف، وكانت الصورة التي تستلمها مُجتمعات هذه الدول العظمى تُختصر في أن هناك حرباً أهلية في العراق، مجموعات سكّانية متقابلة ومتحاربة لا يصحّ التدخل بينها لنصرة بعضها ضد البعض الآخر.
يعني أن ما جرى في العراق من ذبح للمدنيين على أيدي القاعدة (في مرحلة ما قبل داعش) إنما كان حرباً أهلية بين الطوائف، مُجرّد حرب أهلية! الشيعة ضد السنة والسنة ضد الشيعة! حسب مفهوم هؤلاء الذين اجتمعوا في باريس ليعلنوا تغيير هذا المفهوم الآن فقط!
فعلى سبيل المثال،حين يفقد 60 عاملاً في مسطر بساحة الطيران أرواحهم على يد قاتل إنتحاري تم تجنيده عبر شبكة كبرى من التواطؤ، فإن هذا جزء من (الحرب) الأهلية ولا ينبغي التدخل لإيقافها ومنع وصول المزيد من الإنتحاريين.
هذه هي الصورة التي تخبرنا الدول الكبرى أنها تنوي تغييرها، وانها ستتعامل من الآن فصاعداً مع الحالة العراقية على إنها قضية شعب يتعرّض للإبادة من تنظيم إرهابي هو الأقذر على مر التاريخ، وليست مجرّد حرب أهلية!.
يا فاتحة الخير الذي سيلقاه العراقيون إذن!
هل استغرق الأمر 11 عاماً وأكثر من 6000 إنتحاري فجّروا أنفسهم في العراق، ليفهم المجتمع الدولي هذه الحقيقة؟. نعم هناك من يرغب بأن يسوّق الأمر هكذا.. بمعنى: تعالوا ننسى كل ما فعلته دول الجوار والمنطقة وننسى وجود الشبكات الكبرى التي تجنّد الآلاف للـ (جهاد) في العراق على جثث العراقيين، ونبدأ من جديد حسب قناعات جديدة تستعد هذه الدول للقبول بها.
لكن الخيار الوحيد أمام العراق هو أن يتعاون كلياً مع هذا الحلف العالمي ضدّ الإرهاب، وإن كانت هذه الأسئلة ستبقى بلا إجابة.
على العراقيين ان يرحبوا بهذا التعاون الدولي المتأخر، لأنهم (العراقيين) ببساطة تأخروا جداً بدورهم في بناء الدولة ..الدولة التي تمنع تغيير المفاهيم عالمياً عنها عبر القوانين وتطبيق الدستور..
تأخّرنا .. وهذا جزء من الثمن!