المنبرالحر

هل جاءت داعش من العالم الاخر/ احمد عبد مراد

يبدو ان اصرار الولايات المتحدة الامريكية على المضي في تنفيذ مشروعها لتوجيه ضربات عسكرية ضد قواعد داعش العسكرية داخل سوريا بعد ان حصل اوباما على التفويضات اللازمة من مجلس النواب والكونكرس الامريكيين بهدف تدمير بنيتها التحتية العسكرية من جانب، تزامنا مع تسليح وتدريب المعارضة السورية المعتدلة من جانب آخر وذلك بالتعاون مع حلفائها في المنطقة وخاصة السعودية وتركيا وقطر والاردن، ولا ندري ان كانت الولايات المتحدة الامريكية قد استغلت ظرفا مناسبا كواقع حال ، وهو وجود داعش وما تسببه من مخاطر على الامن في المنطقة والعالم ام انها كانت وراء خلق هذا الظرف المؤاتي لتنفيذ اجندة مرسومة سلفا وهنا تختلف المواقف والتفسيرات.. وبما ان امريكا هي الدولة الاقوى في العالم فهي تستطيع التكيف السريع مع الاحداث الدولية واستغلال امكاناتها في تنفيذ اجندتها في هذه المنطقة او تلك خصوصا وهي اليوم المخلّص المرحب به لإنقاذ ما يمكن انقاذه وحماية عروش الحكام العرب من اخطار داعش الحقيقية ، بالأمس وتحت مسمى (الربيع العربي) كادت مصر ان تضيع تحت سيطرة الظلاميين من الاخوان المسلمين، وتلك هي ليبيا ترزح تحت حرب اهلية طاحنة وتحولت من دولة يقصدها من يريد العمل والاثراء الى دولة يهجرها اهلها فارين للجوء في دول الجوار الفقيرة طلبا للنجاة بأرواحهم بعد تدمير بنى هذه الدولة اقتصاديا واجتماعيا ولا زال مسلسل الدمار والقتل مستمرا .. واليوم وبعد فشل ( قوى الثورة المعتدلة ) في سوريا حيث تراجعت قدرات وامكانات المعارضة وتراجع زخمها وبات وشيكا انحسارها وانهيارها ، ظهرت على الارض قوى بديلة ارهابية ظلامية لا تعترف بأحد ولا تعرف غير لغة الموت والذبح واشاعة الدمار وقد استطاعت هذه العصابات وفي زمن قياسي الاستيلاء على مناطق شاسعة من الاراضي السورية والعراقية وازالت الحدود القائمة واعلنت( دولة الخلافة الاسلامية الظلامية داعس) ..وهنا لابد من التساؤل من اين خرجت علينا داعس ومن رعاها ومولها و غذاها حتى ترعرعت وكبرت وتمردت على ارباب نعمها (ان صح ذلك التفسير) فلو رجعنا قليلا الى الوراء لاستذكار ومراجعة التاريخ القريب الذي يكرر نفسه ويذكرنا بالحرب الباردة .. في السبعينات من القرن الماضي، حيث كانت هناك ثورة شيوعية في افغانستان اطاحت بالنظام الملكي ،وتطلّب الامر الى تدخل الاتحاد السوفييتي لحماية الثورة الوليدة بناءا على الطلب الرسمي من الحكومة الافغانية الجديدة ..وهنا وجدت امريكا فرصتها للثأر من العدو القديم الجديد ولترد لموسكو ما فعله الاتحاد السوفييتي القديم ابان مساندته لشعوب فيتنام ولاوس وكمبوديا والهزيمة المرة والمنكرة التي ذاقها الجيش الامريكي والسياسة الامريكية في الخمسينات والستينات عندما فر الامريكان من فيتنام الجنوبية بجلودهم وكيف ان جنودهم العالقين بطائرات الهليكوبتر اخذوا يتساقطون منها الى الارض ليلقوا حتوفهم.. اذن حان الوقت لان تحشد امريكا حلفائها في المنطقة وفي مقدمتهم السعودية وتابعاتها الخليجية ومصر حسني مبارك لملاقاة الجيش السوفيتي بجموع المقاتلين العرب والمسلمين تحت شعار الجهاد ضد الكفاّر، وراحت تلتحق البهائم التكفيرية وحدانا وزرافات وظهرت طالبان وبرز نجم بن لادن، وبعد هزيمة الجيش السوفييتي وانهيار الحكم الشيوعي في افغانستان ظهر تنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن والذي اعلن الجهاد واقامة الدولة الاسلامية في كل بقاع العالم .. لقد ارادت امريكا ان ترد الضربة التي اوجعتها جراء هزيمتها في القارة الصفراء الى الاتحاد السوفييتي وكان لها ما ارادت على الاقل وفق حساباتها.. ولكنها لم تحسب الحساب لما ستؤول اليه هذه التنظيمات المتطرفة ، فكانت احداث 11 / سبتمبر عندما زلزل هذا التنظيم عرين الرأسمالية في نيويورك وهي باكورة رد الجميل لأمريكا لمساعدة طالبان والقاعدة على هزيمة الاتحاد السوفييتي في افغانستان وهي بمثابة الضربة الاولى التي ارتدت الى النحر الامريكي ومن ثم تبعتها الاعمال الارهابية في انحاء عديدة من العالم وكانت المصالح الامريكية هي المستهدفة في تلك الاعمال الاجرامية دائما وعلى الاقل هذا ما اكدت عليه البيانات الصادرة عن تلك المنظمات الارهابية .. ولكن لا يمكن انكار او اخفاء ان القاعدة كذلك اصبحت اداة تنفيذ اجندات ومصالح بعض الدول وفق مصالحها وحساباتها الخاصة فاذا ما سمعنا ان دولة ما تساعد او تغض الطرف او تسهل لمرور القاعدة من والى اراضيها فهذا يعني تبادل مصالح لكلا الطرفين القاعدة وتلك الدولة وبخاصة اذا ما اخذنا المساحة الواسعة لتنظيمات القاعدة وداعش في اعطاء حرية التصرف وفق ما تمليه الضرورة وكذلك لما تدر تلك الاعمال من اموال طائلة عليها وخصوصا وان تنظيماتها غير مركزية وما يجمعها ويوحدها هي اعلان البيعة للخليفة .
وهكذا نرى ان من اسس القاعدة وغذاها ودعمها ومد في عودها وعمرها هي امريكا والسعودية ودول الخليج التي دعمتها بالمال والرجال والفتاوى وخطب الجمعة والشحن الطائفي والسياسي في المساجد والمدارس والجامعات ... ما كانت القاعدة تستطيع ان تجد لها موطئ قدم قبل احتلال العراق عام 2003 من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا ومن تحالف معهم وقد دخلت طلائعها قبيل سقوط الصنم تحت واجهة الدفاع عن العراق ، وبعد السقوط ظهرت بشكل واضح ومكشوف من خلال الصراع الطائفي التي وجدت فيه ضالتها وغذائها وبذلك سيطرة على مساحات واسعة من المحافظات الغربية وحزام بغداد وظهرت اعمال الخطف والقتل على الهوية والجثث التي ملأت نهر دجلة وتوجت اعمالها بتفجير مرقد الاماميين والذي كان الفعل الشنيع الذي اشعل الفتنة الطائفية لأقصى مستوياتها فملأت الجثث كل انحاء العراق وبغداد خاصة.. وعلى ضوء تلك الفتنة الطائفية راحت ابواق الفتنة في دول الخليج تصدر الفتوى تلو الاخرى للتجييش على العراق حتى ظهر علينا المجرم( ابو مصعب الزرقاوي ) والذي بايع بن لادن واخذ يصول ويجول ويقتل وينهب ويقطع الطرق الى ان ذهب الى غير رجعة بضربة صاروخية امريكية وهزمت القاعدة على يد الصحوات ، وبعد انسحاب الجيش الامريكي لم تحسن الحكومات المتعاقبة التصرف مع الصحوات وبدلا من ان تستفيد من طاقاتهم وتوظفها لصالحها ضد الارهاب ومخاطر عودته راحت تعطيهم ظهرها وتركتهم لقمة سائغة بيد الارهابين فتعرضوا للقتل والاغتيالات ونسف البيوت الخ.
ومن هذه المجاميع والكتل الارهابية ظهر علينا ابو بكر البغدادي وهو صنيعة امريكية ان لم يكن بشكل مباشر فهو خليفة مصعب الزرقاوي والذي بايع اسامة بن لادن، وبمختصر الكلام فأن داعس (دولة العراق والشام) هي وليدة القاعد والتي كبرت وطغت فيما بعد وتمردت على القاعدة ومن اسس القاعدة ... اذن من المسؤول عما يجري على ارض سوريا والعراق ؟؟ المسؤول الاول هي امريكا وحلفاؤها السعودية ودول الخليج وتركيا ودويلة قطر ربيبة وخادمة اسرائيل والقاعدة .. حيث تهرع لها الدول للتوسط لدى القاعدة وداعش لإطلاق مختطفي تلك الدول.
وهكذا تتدحرج كرت الثلج لتكبر وفق ارادة الادارة الامريكية ،،اليوم جاء الوقت لتصفية الحساب مع النظام السوري والذي عجزت قوى الارهاب والمعارضة على اسقاطه فوجدت امريكا ضالتها في داعس.. وما دامت داعش تهدد السلم والامن العالمي فلا بد من ضربها اينما وجدت وبما ان وجودها و منطلقها اصلا كان من سوريا فلابد من ضربها في عقر دارها دون التشاور والتنسيق مع الحكومة السورية ، وطبعا هي (حرشة ) واضحة واعتداء صارخ على سيادة الدول ولكن الامر معروف اذا تم التنسيق مع سوريا فقد سقط الهدف .. والهدف هو ان تضرب امريكا قواعد داعش على الاراضي السورية لغرض جر سوريا للتصدي للطيران الامريكي وعندها يتحقق هدف امريكا بضرب سوريا وتحطيم بنيتها الدفاعية ومن ثم دفع القوى المعارضة للاستيلاء على الحكم وبهذا يعاد السيناريو الليبي وتنتهي الدولة السورية وبذلك يتحقق الهدف الاسمى لدولة اسرائيل وتصبح المنطقة بكاملها تحت القيادة الاوريكية -الصهيونية.