المنبرالحر

الحسابات الختامية بعد سبع سنوات / ابراهيم المشهداني

اعلن رئيس مجلس النواب يوم الاربعاء السابع عشر من شهر ايلول 2014 عن وصول الحسابات الختامية لسبع سنوات مضت وبناء على ذلك يعتزم البرلمان وضع إستراتيجية تشريعية للسنوات المقبلة. والسادة النواب كالاقتصاديين كانت هذه الحسابات بالنسبة اليهم قضية مثيرة للجدل فمعظم الموازنات العامة الاتحادية كانت تشرع بغياب الحسابات الختامية ولعلها في كل مرة كانت نقطة الضعف الاساسية في اقرار هذه الموازنات كونها تحمل معها مجموعة من المجاهيل عن كيفية انفاق التخصيصات المالية للموازنة السابقة وما هو الحجم الحقيقي للعجز او الفائض وكيفية التصرف بالفائض وما هي الابواب التي صرفت فيها النفقات المالية وفوق هذا وذاك نسب الانجاز للوزارات العراقية مع ان وزارة التخطيط تنشر بين الحين والآخر نسبا متدنية للعديد من الوزارات ما يعبر عن فشل اداء تلك الوزارات دون ان نسمع عن مساءلة تلك الوزارات الفاشلة وهذا نقص آخر في اداء مجلس النواب للدورات السابقة. ومن الجدير بالذكر ان الحسابات الختامية والتقارير المرافقة لها تظهر على وجه اليقين وحسب قانون الادارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 الفوارق بين ايرادات الميزانية المستحصلة والنفقات من جهة، وبين تمويل العجز واستخدام الفائض كما تظهر القروض السنوية للحكومة الاتحادية وقروض الحكومات الاقليمية والمحافظات والحكومات المحلية، فضلا عن الضرائب والمساهمات الاجتماعية والمنح والإيرادات الاخرى بما فيها مبيعات النفط وبيع الموجودات غير المالية بالإضافة الى ما سدد من السلف وما لم يسدد. وبعبارة اخرى فان تقارير الحسابات الختامية تستهدف اظهار الوضع المالي للدولة وهذا ما لم يتحقق في كافة الموازنات العامة التي شرعها مجلس النواب في دورتيه السابقتين .فهل نستطيع القول ان الوقوعات المالية للدولة على مدى سبع سنوات ذهبت مع الريح ومعها ذهب المتسببون في الهدر المالي والفاسدون الذين لم يكونوا افرادا على عدد اصابع اليد، بل اخطبوطا عصيا على المحاسبة خصوصا وان مبدأ عفا الله عما سلف كان في متناول اليد . ومن المفيد الاشارة الى تقارير ديوان الرقابة المالية التي تكشف حركة التدفقات المالية ، ففي عام 2010 قام الديوان المذكور بإصدار 5714 تقريرا اوضح فيه ان 472 دائرة تابعة لـ 49 وزارة او جهة غير مرتبطة بوزارة ، لم تقم بالرد على هذه التقارير كما ان هناك 18 دائرة قدمت بيانات غير مكتملة تمت اعادتها مما يتعذر والحالة هذه المصادقة على الحسابات الختامية لهذه الدوائر، اما بخصوص العقود الحكومية فان تقارير ديوان الرقابة المالية استخلصت حولها جملة من الحقائق ومنها، مثلا عدم وجود دراسات جدوى اقتصادية وعدم دقة الموجود منها لاغلب المشاريع التي تم التعاقد معها مما ادى الى زيادة الكلف الكلية او ان يتم التعاقد مع الشركات الام (وزارة الكهرباء مثالا)مع اتباع اسلوب الدعوات المباشرة وعدم الالتزام بالتعليمات الخاصة بالعقود في اغلب هذه العقود مثلا عدم ترجمة العقود مع الشركات الاجنبية الى اللغة العربية او عدم تقديم كفالة حسن الاداء وعدم التقيد بفترات التنفيذ وبالتالي عدم تضمين العقود شرط الغرامات. ان ما ذكرته تقارير ديوان الرقابة المالي هو غيض من فيض من الانتهاكات المالية فكيف يكون الامر لو عرضت كل التفاصيل عندها سنرى حجم الكارثة المالية التي تعرض لها العراق طيلة سنوات ما بعد سقوط النظام السابق فكيف به وهذا حاله ان يرتقي الى مستوى البلدان المتطورة ؟ ان هذا الوضع يلقي على كاهل الحكومة الجديدة مهمة تصعيد المساءلة للفاشلين والفاسدين وان تعتمد سياقات جديدة في النظام المحاسبي وخصوصا السعي الجاد للالتزام بتوقيتات تشريع الموازنات السنوية واقترانها بالحسابات الختامية كشرط لإقرار تلك الموازنات والعمل على مراجعة دور مكاتب المفتشين العموميين التي لم تفعل شيئا كثيراً ازاء الفساد المالي بل انتعش هذا الفساد بالرغم من وجود هذه المكاتب ما يعني فشلها في الحفاظ على المال العام . وبعد فهل نرى في الافق ما يحفظ لشعبنا ثروته الوطنية؟