المنبرالحر

التدخل العسكري الغربي في العراق والحلول المؤجلة / احمد عواد الخزاعي

انسحبت القوات الامريكية من العراق في عام 2011 ضمن اتفاق الاطار السيتراتيجي الموقع بين البلدين عام 2008، وكانت تمثل اخر قوات التحالف الغربي المنسحبة من الاراضي العراقية والتي اسهمت باسقاط النظام عام 2003..وطيلة الفترة التي تلت عقد هذا الاتفاق لم تلتزم الولايات المتحدة الامريكية بتعهداتها والبنود الملزمة لها في هذا الاتفاق ، والقاضية بتدريب وتسليح الجيش العراقي والتدخل على جميع الاصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية في حالة تعرض العراق او نظامه السياسي لاي خطر وبمجرد طلب الحكومة العراقية منه ذلك ..لكن الذي حصل انها ادارت لنا ظهرها وقلبت ظهر المجن للحكومة والشعب العراقي، في اول انتكاسة عسكرية تعرض لها العراق والتي تمثلت بسقوط الموصل ثم تكريت في 9 حزيران ..حين بلغت القلوب الحناجر ، وذلك بسبب انهيار المنظومة الامنية العراقية بسرعة مخيفة وتقدم قوى الارهاب المتمثلة بداعش وحلفائها بسرعة كبيرة صوب المدن المحيطة بالعاصمة بغداد ، وكان هذا واضحا في الكلمة التي القاها الرئيس اوباما وعلى عجالة من امره حول هذه الاحداث ، وتنصله من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق بلاده اتجاه العراق ، بقوله ان بلاده غير مستعدة لارسال ابنائها ليقاتلوا مرة اخرى ويقتلوا من اجل العراقيين ، وان ليس لديه رؤى او حلول حول ما يدور في العراق الان ..وبذلك ترك الحبل على الغارب ، لداعش والذين خططوا وساعدوا من اجل ان يحصل ما حصل في 9 حزيران ، ان لم تكن بلاده جزء من هذه المؤامرة ..ولولا فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية ومساعدة الاصدقاء الروس والايرانيين ..والذين تمكنت من خلالهم القوات العراقية باستعادة المبادرة بفضل الزخم المعنوي والمادي الذي ولدته هذه الفتوى من متطوعي الحشد الشعبي ورجال المقاومة الاسلامية والدعم اللوجستي لهاتين الدولتين.. وحدث هذا كله بغياب الولايات المتحدة الامريكية كليا عن الساحة، ولم تتدخل الا عندما بدأت داعش تهدد حلفائها الحقيقيين في اقليم كردستان ، وكان هذا التدخل والحراك وئيدا خجولا ..لكن مالذي حدث لتتحول داعش الى خطر حقيقي يهدد امن العالم بأسره ، بعدما كانت تعيث في الارض فساد في سوريا والعراق وتحت انظار ورعاية حلفائها في المنطقة ..؟..فبعد الانتصار الكبير الذي حدث في مدينة امرلي وفك الحصار عنها بجهود عراقية خالصة وتمكن القوات العراقية النظامية من استعاده تنظيم نفسها والتحول الى مرحلة الهجوم ، جاءت امريكا مرة اخرى الى العراق وبحماسة فاجأت الجميع عبر مؤتمري جدة وباريس اللذين خصصا لبلورة تحالف دولي كبير يضم اكثر من اربعين دولة لمقاتلة داعش ..واصدار مجلس الامن الدولي القرار2170 الذي يدين داعش وجبهة النصرة ومحاصرتهما ماديا ولوجستيا ، والذي اعتمد هذا القرار كأساس لمؤتمر باريس ، الذي استبعد فيه اهم شريكين في الحرب على الارهاب ، ايران وروسيا ، لما لهما من تأثير ونفوذ قويين في المنطقة والعالم ، وتم ذلك بأرادة امريكية خليجية ..وهذا بحد ذاته يعتبر من اهم اسباب الفشل الكامن والذاتي داخل هذا التحالف ، وقد جوبه هذا الاقصاء من الطرف الايراني بتصريح السيد عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الايراني بقوله.. (المشاركة في مؤتمر مسرحي وانتقائي لمكافحة الارهاب في باريس لا يهمنا )..وتكمن معنى مفردة انتقائية ، بان هذا التحالف يسعى الى مقاتلة داعش في العراق فقط دون سوريا التي تعتبر المركز الرئيس لهذا التنظيم ..وكان الرئيس الفرنسي قد رفض أكثر من مرة تقديم إجابة على سؤال توسيع الضربات لتشمل سوريا، اضافة الى ان هذا التحالف الدولي يفتقد الى القيادة الموحدة لادارة العمليات العسكرية ، فكل طرف هو حر في اختيار الاهداف والمواقع التي تشن طائراته الغارات عليها دون التنسيق مع الاطراف الاخرى ..وهذا الشيئ غريب وليس له سابقة في جميع التحالفات التي عقدت سابقا ، بدء بحرب الخليج الثانية عام 1991 الى التحالف الذي شكل لاسقاط صدام عام 2003 ..مرورا بحرب الصومال والبوسنة والهرسك وافغانستان ..لذلك لازالت الكثير من التساؤلات حول طبيعة هذا التدخل ودوافعه والنتائج المرجوة منه اجاباتها مؤجله ومجهولة ، فهل جاء لاضعاف النفوذ الروسي الايراني في العراق والمنطقة وتحيدهما عن هذا الصراع ..؟..اي ان امريكا جاءت الى العراق مرة اخرى لغرض ادارة الازمة فيه وليس لأنهائها ، ام هو بداية لمشروع بايدن القاضي بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات على اساس اثني وقومي..؟ ، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار تصريح الرئيس اوباما بان الحرب على داعش سوف تطول لثلاث سنوات ، ..ام انه سباق بين اوربا الحرة والتي تسعى فرنسا الى قيادتها في هذه المرحلة وبين الولايات المتحدة الامريكية على ثروة العراق النفطية ومحاولة التفرد في الكعكة بعد انهاء اسطورة داعش على الارض العراقية ..؟..كل هذه الاسئلة وغيرها الكثير سوف تكون الارادة الوطنية ووضوح الرؤية لدى الحكومة العراقية الجديدة هي الكفيلة بتحديد اجاباتها بما يتلاءم مع حفظ السيادة الوطنية ووحدة العراق ومصالح الشعب العليا .