المنبرالحر

الديمقراطية لا تعني التنازل عن الحرية / نوري حمدان

يمكن ان يكون العنوان الذي اخترته لهذا المقال فيه نوع من التناقض، فمن البديهي عندما نستمع ان هناك في بلد ما ديمقراطية فرديفتها الحرية موجودة لا محال، فلماذا هذا العنوان. فالجواب هو ان هناك من يفهم ان الديمقراطية تنتهي في عملية الانتخابات واذا ما تمت هذه الانتخابات يجب على الناخبين القبول بنتائج الانتخابات مهما كانت النتائج، حتى وان كان المنتخب لا يؤمن بالديمقراطية واستخدمها للوصول الى السلطة ثم القبض على مقدرات الناس وقمع حرياتهم كما حدث في مصر.
كما يعتقدون ان المنتخب يجب ان يكمل دورته ولا يحق للشعب ان يطالبه بالتنحي واجراء انتخابات مبكرة حتى وان لم يتمكن من ادارة شؤون البلاد كما هو مطلوب في تحقيق ما يطمح له الشعب، ويعتبرون ان ما جرى في مصر هو انقلاب على الديمقراطية. ان الديمقراطية لا يمكن ابداً ان تنتهي في اجراء الانتخابات، وان الانتخابات هي احد وسائل الديمقراطية لحكم الشعب، فيحق لاي شعب ان يمنح الثقة باشخاص من خلال الانتخابات وان الشعب له الحق ان يسحب الثقة عندما يجد ان الذين منحهم هذه الثقة غير جديرين فيها ولاسباب عديدة، ومن الخطاء ان نطالب الشعب بقول هذا الاختيار حتى تنتهي فترته، وكاننا نعاقب الشعب الذي من الممكن قد ضللت الكثير من ابنائه الدعاية الانتخابية، وبعد حين اكتشف الشعب هذا التضليل من خلال الممارسات الغير ديمقراطية للذين وصلوا الى السلطة من خلالها، فالبقاء حتى انتهاء الدورة الانتخابية تحت ظلم الذين انتخبوا، فهل هذا ديمقراطي. كيف لنا ان نرضى لرئيس تجرد عن مبادىء الديمقراطية ولا نرضى عن شعب رفض الظلم وانسلاخ الرئيس عن الديمقراطية عبر وسائل ديمقراطية كفلها لهم الدستور في الاحتجاج والمطالبة بالانتخابات المبكرة.
ان الشعب هو من يضع الدستور من خلال التصويت عليه وهو من يعدله ويوقفه ويغيره عبر الاستفتاء والتصويت، والشعب هو ايضاً من يقود الجيش الذي يجب ان يكون لحماية البلد والشعب وليس الحكومات بكل اشكالها، وهذا ما أكده الجيش المصري في عزل مرسي، لم يقم الجيش المصري بانقلاب بل استجاب لمطالب الشعب وعزل الدكتاتور الجديد وسلم ادارة البلاد لرئيس المحكمة الدستورية العليا، واستمر بتأكيده على ان القوات المسلحة لم يكن بمقدورها أن تصم آذانها او تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التي استدعت دورها الوطني وليس دورها السياسي، وان القوات المسلحة تؤكد انها تظل بعيدةً عن العمل السياسي.
هنيئاً لشعب مصر الحر وللجيش الوطني الشجاع على تعزيز ثورتهم التي عزلت مبارك والتي عزلت من اراد ان يقبض على حريتهم بعد نيلها، شكراً للشعب المصري على ما قدموه للانسانية وللعرب بشكل خاص من الدرس البليغ في الحرية، شكراً للجيش المصري الذي اكد لجيوش العالم وجيوش العرب بشكل خاص كيف هو الجيش الوطني الذي ينتمي للشعب والوطن.