المنبرالحر

سوريا: التحالف الدولي والدور التركي..!؟ / باقر الفضلي

 ليس هناك من وجه للغرابة، أن تأتي تصريحات الرئيس التركي السيد أوردغان الأخيرة، حول دور تركيا وموقفها من الأهداف التي حددها التحالف الدولي بقيادة أمريكا، من قضية ما يدعى بمحاربة تنظيم الدولة في المنطقة " داعش " ، متناسقة وتصب في نفس المسار الذي حدده ذلك التحالف من قبل، وهو آخذ بتنفيذه على صعيد الواقع، عن طريق غارته الجوية التي لا تنقطع، ضد المواقع المفترضة لذلك التنظيم ليل نهار في كل من العراق وسوريا، فليس هناك ثمة ما يدعو للإستغراب في تلك التصريحات للرئيس التركي، ولكن اللافت في الأمر، أن الرئيس التركي، في تلك التصريحات، ربما كان أكثر ملكية من الملك نفسه..!!؟

فجل ما إستهدفه تشكيل التحالف الدولي، وما أعلن عنه جهاراً نهارا ، أن هدفه ينصب على محاربة ما يدعى تنظيم الدولة "داعش" والقضاء عليه، ولم ينبس ببنة شفة عن إستهدافه إسقاط النظام السوري، أو وفق ما يدعوه السيد أردغان ب" نظام الأسد"، ولكن ما هو ملفت في تصريحات السيد أوردغان، هو الصراحة في بيان الهدف الخفي الذي حاول التحالف الدولي المذكور، التسترعلى أعلانه، والمقصود به دولة سوريا؛ وهو أمر سبق وأن جرى إلقاء الضوء عليه في المقالة الموسومة [ الإرهاب: التحالف الدولي وأهدافه الخفية]..!؟ (1)

فليس في تصريح السيد أوردغان ما يدفع على الإلتباس، بعد أن قرر اليرلمان التركي الموافقة على تدخل القوات التركية الى الأراضي العراقية والسورية، بناء على مذكرة مقدمة من الحكومة التركية الى البرلمان بهذا الشأن؛ وفي إشارة واضحة أدلى السيد أوردغان أمام البرلمان بما يؤكد نواياه من وراء مشاركة تركيا التحالف الدولي فيما خطط له من وراء محاربة تنظيم الدولة في العراق وسوريا، حيث أشار بصريح العبارة : [[إلى ان إسقاط "أطنان من القنابل" على مسلحي "الدولة الإسلامية" سيؤدي فقط إلى هدوء مؤقت مؤكدا على ان "الإزاحة الفورية لنظام الاسد في دمشق" ستظل أولوية لبلاده.
ودعا اروغان مرارا إلى إنشاء منطقة عازلة على الحدود التركية داخل سوريا من خلال فرض منطقة حظر للطيران للحفاظ على الأمن.]](2)

إن الموقف التركي من الجارة الجنوبية دولة سوريا، ليس إبن يومه، فما تضمره حكومة تركيا لجارتها الجنوبية دولة سوريا، لا يعبر عما يسر النفس، أو يعكس حالة من حسن الجوار بين البلدين الجارين، رغم كل الأواصر الطيبة التي تربط العلاقة بين الشعبين التركي والسوري، ناهيك عن الروابط التجارية والإقتصادية التي تربط البلدين الجارين..!

فكل ما يشي من تصريحات المسؤولين الأتراك، يعكس حقيقة الدور التركي المرتقب في التحالف الدولي التي تقوده الولايات المتحدة في "حربها ضد الإرهاب" ، ولا يبتعد في مظهره ومحتواه عن أهداف التحالف المذكور؛ وإن كان في حقيقته، يتعارض بل ويتناقض مع القانون الدولي، حينما تعلن قيادات بأعلى مستوى من المسؤولية، عن إشتراطها لدعم نوايا التحالف الدولي المعلنة والمشاركة بنشاطاته ، إسقاط أنظمة الدول الأخرى، والمقصود هنا دولة الجارة سوريا، فليس في الأمر ما يمكن إخفائه أو التستر عليه، وأصبح من المتعارف عليه أن تتوافق التكتيكات بما فيها تاكتيكات قيادة حلف الناتو مع مضامين تلك التصريحات، للوصول الى الهدف المنشود من وراء تشكيل التحالف الدولي، فمجرد موقف تركيا من قضية كوباني على سبيل المثال، يمثل فقط برهاناً واضحاً عن الأهداف التركية بالنسبة للقضية الكوردية في تركيا، والتي تؤرق النظام التركي ليل نهار، وما شعارالحرب ضد الإرهاب الملتبس، إلا ذريعة مناسبة لضرب عصفورين بحجر واحد..!؟ (3)

أما ما يعلن عن إنشاء منطقة عازلة داخل الحدود السورية، وهو بحد ذاته إنتهاك صارخ لسيادة دولة سوريا، ويعبر عن نفس التكتيك المتعارف عليه سابقاً في أحداث ليبيا، وحول هذا قد جرى كلام كثير، فإنه يصب في خدمة أهداف التحالف الدولي وسياسته الإزدواجية في محاربة الإرهاب في المنطقة، الأمر الذي أكده بوضوح موقف الرئيس الفرنسي السيد فرانسوا هولاند اليوم، دعماً للموقف التركي في التدخل بالشأن السوري، والذي فضح بجلاء حقيقة الهدف الذي يتوخاه التحالف الدولي في النهاية؛ فجميع الأوراق قد أصبحت مكشوفة، وتصريحات السادة الأتراك هي الأخرى، قد وضعت النقاط على الحروف ولا تحتاج الى مزيد من الإيضاح والإفصاح..!؟ (4)

اما الموقف الدولي بهذا الشأن، فبقدر ما يجري التشويش عليه بإستمرار من قبل الإعلام الغربي، في محاولة لعزل الدولة السورية ومحاصرتها؛ يسعى التضليل الإعلامي الغربي دون توقف، الى تحميل الجهات السورية مسؤولية ما يحدث على الساحة السورية، ويدفع بإتجاه تحريض تركيا على التدخل بالشان السوري، من خلال ما يدعى ب "الحرب ضد الإرهاب"، في محاولة لخلط الأوراق، بما يحيل تركيا، وهي دولة عضو في حلف الناتو، ولها الكثير من الأسباب، ما يجعلها أكثر قبولاً لأن تكون رأس الحربة في الخطط المرسومة من قبل التحالف الدولي الجديد بقيادة أمريكا، للتغيير في المنطقة..!!؟(5)

هذا في الوقت الذي جاء وكرد فعل على إمكانية التدخل التركي عسكرياً في سوريا، بقدر ما لهذا التدخل من تداعيات خطيرة على الأمن والسلم الدوليين وعلى سلامة وأمن المنطقة، أن أشار وزير الخارجية الروسي السيد سيرغي لافروف 8 أكتوبر/ تشرين الأول الى القول [[ بإن محاربة الإرهاب يجب أن تتم بموافقة الدول التي تعاني منه.]](6)

ولكن مما يعتم على صورة الحقيقة، وعلى النوايا الخفية، هو ذلك العنف الممنهج، الذي طال المدنيين الأبرياء بأبشع صوره، والمدعوم لوجستياً وإعلامياً من قبل دول هي نفسها أعضاء في التحالف الدولي آنف الذكر، وما يزيد الأمر أكثر عتامة، هو ما يتكرر وبإستمرار في الإعلان الرسمي لقادة التحالف الدولي نفسه، عن ستراتييجيات غير واضحة المعالم عما يتعلق بالحرب على تنظيم الدولة " داعش" ، وبأن الأمر قد يقتضي، ما يزيد على ثلاث سنوات، وذلك وفقاً لحسابات قائد التحالف الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى لسان الرئيس أوباما، كي يمكن القضاء على التنظيم المذكور في المنطقة، ناهيك عن أربعين دولة أعضاء في ذلك التحالف، وجميعها من الدول الأكثر مقدرة ومكنة عسكرية في العالم، مما يبعث على الإستغراب والتساؤل ويثير الكثير من الظنون والجدل عن حقيقة جدية دول التحالف نفسه وفي مقدمتها أمريكا، في حربها المعلنة ضد هذا التنظيم، وهو أمر متروك تقديره للخبراء العسكريين في جميع الأحوال..!؟(7)

إن جميع ما تقدم يلقي بضلاله على حقيقة التوجه الخفي لدول التحالف الدولي وقيادة الناتو، الذي يستهدف دولة سوريا، من خلال صرف الأنظار عن حقيقة التوجه المذكور، برسم سيناريوهات ذات أبعاد تجر المتابع الى ساحات أخرى تبدو فيها دول التحالف بما فيها الدولة التركية وكأنها هي المستهدفة من وراء الهجمة الإرهابية في المنطقة..!؟؟(8)