المنبرالحر

من يخسر المعركة ؟ / علي الزاغيني

لم تكن الحروب عسكرية قبل ان تكون سياسية تحاك وتخطط لها لمصالح الدول الكبرى وتبقى الدول المتخلفة مجرد ادوات محرقة لتلك الحروب وتدفع بكل طاقاتها البشرية والحربية والاقتصادية ليس لكي تكون منتصرة في حرب لا ناقة لهم بها ولا جمل ولكن ليبقى حكامها يتربعون على كرسي السلطة على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تثقل كاهلها وهذا ما دار ويدور في عالمنا الذي تسطير عليه القوى الكبرى وتلعب دور الشرطي للمراقبة والتدخل في الشؤون الداخلية لكل الدول لحماية مصالحها .
ماذا جنى العراق من حروب كانت بدايتها من بداية ثمانيات القرن الماضي ولاتزال مستمرة الى يومنا هذا على الرغم من اختلاف الحقب الزمنية واختلاف جبهات القتال و الزعماء ولكنها في كل الاحوال حروباً لم نتمكن من ان نحصي الضحايا الابرياء الذين سقطوا خلال هذه الحروب ما بين شهيد ومفقود ومعاق ، ومع كل هذه الضحايا نصرح باننا انتصرنا ؟ اي انتصار هذا ونحن لم نتقدم خطوة للأمام بينما نعود قرون الى الوراء !
المسألة هي كيف تحافظ على كيان الانسان وكيف تجعله يقدس وطنه قبل الزعماء دون ان يفقد كرامته وانسانيته ويكون عبدا للسلطان ويجاهد بشتى الطرق ليبقى ذليلا من اجل النفوذ والمال ويقسوا بكل قوة على ابناء جلدته ليكونوا الجسر الذي يعبر من خلاله الى الضفة الاخرى ، بينما الاخر اما يبقى صامدا لاحول ولا قوة او يحاول ان يجد منفذا للخروج من ظلمات الحكام الى عالم مجهول يسمى الغربة او المنافي ليبحث عن ذاته وانسانيته المفقودة في وطنه، كل شئ ممكن في عالمنا يمكنك ان تبيع نفسك للجلاد مقابل ان تحيا بسلام او تبقى معلقا على مشانق الظلم حتى يشاء القدر وفي النهاية لا شئ سوى سنين تمضي بلا امل واطفال لا يشبهون اوطانهم وسياسة فاشلة وسياسيون لا ينظرون للماضي سوى نظرة استحقار بينما الوطن على شفا حفرة من الضياع وانياب الذئاب تنهش به من كل جانب .
لماذا نحن في معركة دائما ؟
هل نحن على صواب ؟
هل سياسة الحكام خاطئة ؟
وهذه المصيبة الكبرى اذا كان الشعب مخدوعا بتلون معدن الحاكم الذي يقول شيئا ويفعل شيئا اخر تلك هي الطامة الكبرى في عالمنا الثالث المتخلف الذي جعلت منه الدول المتحضرة حقل تجارب وساحة صراع دائما لكل انقساماتهم السياسية بفضل غباء الحكام وعشقهم للسلطة وكراهيتهم للحرية والانسانية بعيدا عن كل الاديان وانصياعهم لأوامر اسيادهم الذين جعلوهم في مناصبهم وكأنهم بيادق شطرنج تحرك كيفما تشاء اللعبة ان تنتهي .
لماذا احلام شبابنا بالغربة والخلاص من الوطن تلك المأساة الكبرى للوطن ان يتركه ابنائه يحترق وهم يلذون بالفرار بحثا عن ملاذ امن بينما اللصوص ينعمون بخيراته ، هل نحتاج للعدو ليدافع عنا؟ من عدو اخر اوقدوا شرارة ناره بأيدهم بعد ان دربوه وجهزوه بأسلحة ومعدات حديثة ، تلك اللعبة القديمة التي يمارسوها ونحن في سبات لا نفقه من لعبتهم سوى ما يريدون هم ان نتفرق لكي نكون صيدا سهلا وفعلا فرق تسد كانت ناجحة حتى اصبحنا لقمة سائغة لهم وهذا ما يبحثون عنه ولازال الساسة او ما يسمون بالساسة في طغيانهم يعمهون .
اذا اردنا نربح المعركة علينا ان نتسلح بالإيمان وحب الوطن اولاً وقبل كل شئ لأنه متى ما أصبحنا يداً واحدة ارعبنا الاعداء فقوتنا هي ان نكون مخلصين للوطن قبل كل شئ فهو السر في قوتنا والذي يرعب الاعداء، وبخلاف ذلك ستكون معركتنا خاسرة .