المنبرالحر

حكومة ذكريات / قيس قاسم العجرش

ليون بانيتا اصدر مؤخراً مذكراته التي لم تترجم بعد الى العربية ولم أحصل على نسختها الإنكليزية الكاملة.
بانيتا هو مدير(سي آي أي)السابق كما تولى منصب وزير الدفاع قبل ان يتقاعد عام 2013.
التقارير الصحفية ركّزت على أن بانيتا وجّه في مذكراته الطازجة اللوم الشديد الى إدارة أوباما لأنها لم تتخذ أي قرار صحيح فيما يخصّ العراق سواء توفرت معلومات مؤكدة للحالة أم كانت المعلومات منقوصة.
واليوم تتحدث ذات التقارير في الصحافة الأميركية عن أن النقص في المعلومات عن تنظيم داعش يفوق حال النقص في المعلوماتية التي سبق أن مرّت بها الولايات المتحدة عن حركة طالبان في أفغانستان إبّان عملية غزوها.
المعلومات التي شهّر بها ليون بانيتا لا تتعلق بالحركات الإرهابية أو المناوئة للعملية السياسية في العراق فقط، إنما تتعلق في الأصل بكل ما يمتّ بصلة الى العراق: فساد العقود الاستثمارية وانحرافات بعض المسؤولين العراقيين عن تأدية أدوارهم الكاملة فضلاً عن مسؤولياتهم، بالإضافة الى معلومات تتعلق بعمليات تمويل مشبوهة وغسيل أموال لاحقتها المخابرات المركزية وجمعت معلومات عنها، إلا أن الإدارة الاميركية لم تتخذ اي إجراء في المقابل.
أوباما كان قد قرر سلفاً عدم التدخل في العراق حتى حتى لو تعلق الأمر بمسؤوليات واشنطن تجاه القانون الدولي ومكافحة الإرهاب عالمياً. كان مستعداً أن يتدخل في أي مكان على وجه الأرض لدحر الإرهاب إلا في العراق!
وهنا فان العودة السريعة الى ذاكرة آخر زيارة قام بها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الى واشنطن، والتي كانت مثلبة بروتوكولية بكل المقاييس، تصبح عودة ضرورية. فحينها نشرت واشنطن بوست أن المالكي عرض على الإدارة الأميركية التدخل إيجاباً في المسألة السورية، لكن أوباما أجابه بأنه»يفضّل»أن تكون المشاكل العراقية وليس غيرها، على رأس أولويات الحكومة العراقية!
لوم بانيتا لأوباما ليس مجرّد مذكرات، إنه يأتي ضمن تيار أميركي سياسي متصاعد يقول إن هناك حلاً وسطاً بين التورط بمئات آلاف الجنود على الأرض، وبين الإهمال الذي مارسه أوباما لتفاقم المشكلتين العراقية والسورية.
مؤكد إن هذا التيار المنطقي تمرّ به جميع الدول التي لديها مُشكلة وطنية اسمها التطرف الإسلامي المتعاطف مع الإرهاب. عراقياً ما زال هناك من تعوّد استشعار الموقف الأميركي ومدى رغبته بالتدخل، ثم يبتني تصرفاته على هذا الأساس. كأنها قصة غياب القط الذي يسمح للفأر بأن يلعب، هل سنشهد مغادرة لهذا النوع من الأداء السياسي ؟..أم أن على أوباما ان يغادر أولاً؟.