المنبرالحر

ثورة أكتوبر العظمى.. منارة السلم والحرية /عاصي دالي

في السابع من أكتوبر عام 1917 انبثقت ثورة أكتوبر الاشتراكية وكانت من أهم أحداث القرن العشرين ولم يعرف التاريخ البشري حدثا آخر بمثل أهمية ثورة أكتوبر. لقد مارست هذه الثورة تأثيرا حاسما على مجرى تطور الإنسانية ودشنت بداية عصر جديد في حياة جميع الشعوب والدول انه عصر الانتقال إلى الاشتراكية والتحرر القومي والاجتماعي وهي أول ثورة رفعت شعارات الحرية والسلام والخبز وسجلت انتصارا عمليا للتعاليم الماركسية بجدارة ثورية وكانت منعطفا تاريخيا في تطور العالم والحركة الثورية العالمية وأصبحت نقطة تحول هامة في تاريخ البشرية والعالم المعاصر لأنها طرحت قضية تحرير الإنسان من الظلم والحاجة والجهل وزوال استغلال الإنسان لأخيه الإنسان
لقد اهتمت ثورة أكتوبر الاشتراكية ومنذ بدايتها بحركات التحرر العالمية ونضالها الثوري وتميزت بذلك في موقفها من الدول العربية فقد كتب قائدها فلاديمير ألتش أليا نوف (لينين) في جريدة البرافدا قبل الثورة وفي عام 1912 مقالا هاجم فيه بشدة وحشية الاستعمار الايطالي لما ارتكبه من جرائم جاء فيه (ماسبب هذه الحرب ؟ سببها جشع صقور المال والرأسماليين الايطاليين الذين هم بحاجة إلى سوق جديدة والى نجاحات تحرزها الامبريالية الايطالية وكيف كانت هذه الحرب ؟ كانت مجزرة متقنة وتقتيلا للعرب بواسطة أحدث العتاد. لقد قاوم العرب مقاومة المستميت) وقد تعزز هذا الموقف من حركة التحرر الوطني العربية بعد انتصار الثورة كثيرا في سبيل حريتها وسيادتها وتقدمها. فقد وقفت الثورة ضد الانتداب الذي أقرته عصبة الأمم ولم تعترف به وقامت بفضحه والهجوم عليه وأعلنت موقفها الذي جاء فيه (ان فلسطين وسوريا تقعان في الوقت الحالي تحت ما يسمى بنظام الانتداب وان جمهورية روسيا السوفيتية لا تعترف بهذا الشكل الجديد الناشىء في الوضع الدولي). وتشير عدد من الوقائع الى ان السلطة السوفيتية عمدت الى الاتصال مع العديد من حركات التحرر العربي واقامة العلاقات معها وأعربت عن تضامنها وتأييدها لها وأرسل لينين رسالة الى الزعيم المصري سعد زغلول في عام 1919 يؤكد فيها التأييد والتضامن لحركة التحرر العربي ويشير بعض الباحثين الى وجود مثل هذه الصلات مع بعض زعماء الثورة العراقية عام 1920
ومن السمات البارزة لثورة أكتوبر تجسيدها عمليا لأفكار الماركسية بصدد التحالف بين العمال والفلاحين حيث استطاعت الطبقة العاملة في روسيا ان تستقطب الى جانبها جماهير غفيرة من الفلاحين لضمها الى نضالها من أجل تحقيق الثورة الديمقراطية وتحويلها الى ثورة اشتراكية ففي مؤتمر السوفيت الذي انعقد في اليوم التالي للثورة والذي اقر مرسوم الأرض أوضح لينين قائلا (لما كنا حكومة ديمقراطية فإننا لانستطيع ان نتجاهل قرار الجماهير الشعبية الدنيا حتى ولو كنا غير موافقين عليه ففي نار الحياة سيدرك الفلاحون بأنفسهم اين هي الحقيقة عندما يطبقون القرار عمليا، عندما يحققونه في مواقعهم.. ليعمل الفلاحون على حـل المسألة من أحـد طرفيها فسنعمل على حلها من الطرف الأخر ان الحياة ستضطرنا الى التقارب في تيار الإبداع الثوري المشترك) وفي هذا السياق ناضل الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه من اجل تحقيق تحالف العمال والفلاحين وعلى أساس الخصائص التأريخية لبلادنا وتضمنت جميع وثائقه الأساسية خلال عمره الطويل الاهتمام بالقضية الزراعية والعمل على وضع الحلول والرؤى لها وقد ورد في برنامج الحزب الشيوعي العراقي الذي أقـره المؤتمر الوطني التاسع
1ــ العمل على إعادة النظر بقوانين الزراعة والإصلاح الزراعي ووضع مصالح صغار الفلاحين في صدارة الاهتمامات، ومكافحة المساعي لإعادة العلاقات شبه الإقطاعية، أوالخصخصة الشاملة في القطاع الزراعي.
2ــ تمليك الأراضي التي وزعت على الفلاحين، وفقاً للقانون رقم 30 لسنة 1958، والقانون رقم 117 لسنة 1970، وتشريع قانون جديد لايجار الأراضي الزراعية.
3ــ تشجيع الفلاحين على الاهتمام بأراضيهم وزيادة إنتاجيتها، كماً ونوعاً، واستعمال المكننة المتطورة والبذور عالية الرتب والأسمدة الكيمياوية والمبيدات وغيرها باستخدام الاساليب العلمية الحديثة في الزراعة والري.
لقد حررت ثورة اكتوبر الاشتراكية الامم التي كانت تستعبدها روسيا القيصرية وساعدتها على انهاء تخلفها والسير في طريق الديمقراطية والاشتراكية، ومدت يـد العون والتضامن الفعال للشعوب المناضلة من اجل استقلالها ونيل حريتها ورغم انتكاسة التجربة الاشتراكية لكن الدروس التي أفرزتها التجربة يمكن الاستفادة منها في طريق التحرر الوطني لجميع شعوب العالم وقد قال ماركس ( لو قدر لكل ثورة ان تنجح لاصبح صنع التاريخ بأبسط السهولـة ) فجميع الثورات الجماهيرية لها اخطاء ولها أعـداء فالأخطاء تنخر كيانها والأعداء تعمل دائما للانقضاض عليها.