المنبرالحر

ما مغزى الأصرار على قيام الحرس الوطني / صادق محمد عبد الكريم الدبش

انبر الكثير ...أفراد وأحزاب على أبداء الحماس والتبريك والتسويق ليرى النور ..قانون انشاء أو قيام الحرس الوطني !!، ومن دون عرضه على الشعب وقواه السياسية وعلى الصحف والاعلاميين والكتاب والمهتمين بالشأن الأمني والسياسي، كونه مؤسسة تمس حياة الناس وأمنهم وحاضر البلد ومستقبله ، وهذا ليس غريبا على السلوك العام للقائمين على أدارة الدولة والمجتمع ، فدائما كانت القرارات المصيرية تتخذ من خلال قرارات فوقية وبشكل بيروقراطي !...ويقتصر على طبقة في الدائرة الضيقة من الطبقة الحاكمة ، وهذا هو جزء مهم من البلاء الذي أصيب به نظامنا السياسي طيلة الفترة الماضية وللأسف الشديد ، ولا توجد مؤشرات حقيقية تأشر بأننا نعيش مرحلة مختلفة عن سابقاتها، بالرغم من الظروف الملتهبة والمعقدة ، والأراء وتعددها ...أفضل من الرأي أو الرأيين ، فقد تساعد المشورة وتبيان مختلف الأراء الى التوصل الى صيغ ناجعة وأكثر موائمة مع واقعنا المعاش ، وحتى نتجنب قدر المستطاع الوقوع بالخطأ ودواعيه .
المنظومة الأمنية تختلف تماما عن باقي مؤسسات الدولة من التكوين والأعداد والتأسيس، ومن التركيب، كونها مؤسسة جامعة وضامنة ومؤلفة من كل الطيف العراقي بكل أشكاله وتلاوينه وأثنياته ومذاهبه ومناطقه، والحرص على هذا المبدأ من أساسيات أنبثاق قانون تأسيسه ، والمقصود هنا ( الجيش بكل تشكيلاته البرية والجوية والبحرية والشرطة ورجال الأمن والمخابرات وحرس الحدود والكمارك ) وهذه التشكيلات تخضع لمنظومة واحدة وقانون يوحد هذه المؤسسات وكل حسب أختصاصه ومسؤولياته التي تناط به وحسب القانون ، وبغض النظر عن الهوية ( القومية والدينية والمذهبية والمناطقية ) ، والمنتسب لهذه المؤسسة واجبه ومكان خدمته هو العراق الجغرافي والمعترف به من خلال خريطته الجغرافية والسياسية المودعة في المحافل الدولية ، وبذلك تبرر هذه المؤسسة الموحدة للعراق ولشعبه ، تبرر وطنيتها وأنتماءها ، والتي وجدت من بدء تكوينها على هذا الأساس ، ولا يمكنها أن تكون غير ذلك أبدا ، وهذا ينطبق على ما يراد أن يطلق عليه اليوم ( بالحرس الوطني ) .
أن قيام الحرس الوطني على أساس مناطقي هو خطأ وخطيئة كبرى ...ستأسس الى فرز مناطقي ومذهبي وعرقي ، وولاء هذه المؤسسة سيكون للمنطقة والطائفة والقومية والعشيرة ، وتحصيل حاصل سيأسس الى تقسيم البلد مناطقيا ومذهبيا وعرقيا ، وهو تفتيت لوحدة البلد ولنسيجه الأجتماعي ، وكل التبريرات التي يسعى الكثير لتقديمها ومبرراتهم ، هي بالحقيقة ستكشف وبشكل جلي وواضح بأن الهدف هو شرذمة وتقسيم وتفتيت وحدة البلد وتماسك نسيجه الأجتماعي ، وهي مؤسسة ليست أنية ..أو لفترة محدودة ، أنها مؤسسة يراد لها ان تكون موازية للقوى الأمنية ورديفة لها ، وستخلق أزدواجية في المهمات التي ستناط بها ، وسوف تتعدد المسؤوليات وتتزاحم على المهمات ، مما سيأدي الى ضعف في ألأداء للمهمات المناطة بكل من هذه المؤسسات ، والهدف الأخر الذي يكمن وراء قيام الحرس الوطني هو أستيعاب الميليشيات الطائفية ...أكرر ( الميليشيات الطائفية ) ونحن نعلم والجميع يعلم بحجم هذه الميليشيات وأعدادها ومهماتها الموكلة أليها ، وكيف قامت ؟...على أساس مذهبي ، وعلى أساس الطائفية السياسية ، فهناك فرق بين الطائفة وبين الطائفية السياسية ، بمعنى نحن سنجمع في هذا الذي أطلقنا عليه ( الحرس الوطني ) بين صفوفه الطائفيين السياسيين ...وسكان المنطقة ، وفي أغلب مناطقنا العراقية ، يغلب عليها الفرز المذهبي والعرقي ، بمعنى أخر نحن أسسنا الى حرس طائفي مناطقي ، وولائه سيكون للطائفة وللمنطقة وليس للوطن وللمواطن، وهنا يكمن أس البلاء .
على الحكومة ومجلس وزرائها أن يضطلعوا بمسؤولياتهم ، ويضعوا مستقبل البلاد ومصالح الشعب فوق كل الأعتبارت ، وأن لا ينساقوا وراء أوهام البعض الذي مازال غير مدرك لحجم الأستحقاقات المترتبة على الوقوع بمثل هكذا أخطاء والعواقب الناجمة عنه ، ولتجنب الحكومة البلاد وشعبه مزيدا من النوائب والأهوال ، ولنساهم جميعا في لم الشمل وتمتين وحدة شعبنا الوطنية والأبتعاد عن التشرذم والتفكك والأنقسامات بكل أشكالها ، ونركز على الأولويات وأهمها دحر الأرهاب وأعادة النظر في بناء مؤسساتنا الأمنية ، ومعالجة الأزمة السياسية والأقتصادية المستفحلتين ، وهو المطلوب والملح في الواقع المنظور .