المنبرالحر

قراءة قانونية لمشروع قانون مجلس الاتحاد / زهير ضياء الدين

بتاريخ 22/9/2014 تمت القراءة الأولى لمشروع قانون مجلس الاتحاد و لأهمية هذا القانون نتناول في ما يلي قراءة قانونية للمشروع. ابتداءً يعتبر هذا القانون من القوانين الدستورية التي نص دستور جمهورية العراق على وجوب تشريعها ضمن المادة (65) من الدستور التي نصت على ان ( يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى ( مجلس الاتحاد ) يضم ممثلين عن الأقاليم و المحافظات غير المنتظمة في إقليم وينظم تكوينه ، و شروط العضوية فيه ، و اختصاصاته ، و كل ما يتعلق به ، بقانون يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ) .

إضافة إلى النص الوارد ضمن المادة ( 48 ) من الدستور و هو ( تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب و مجلس الإتحاد ) .
وأول المآخذ على مشروع القانون المطروح أمام مجلس النواب هو شكلي حيث ورد في صدر المشروع أن التشريع تم استناداً إلى أحكام البند ( أولاً ) من المادة ( 61 ) و البند ( ثالثاً ) من المادة ( 73 ) من الدستور فكان على المشروع أن يضيف المادة ( 65 ) من الدستور إضافةً للمواد آنفاً كونها أوجبت تشريع القانون و هذا الخطأ الشكلي يتكرر من قبل مجلس النواب عند تشريع القوانين فيكتفي بالإشارة إلى المواد ( 61 ) و ( 73 ) و لا يشير إلى المواد الدستورية التي توجب إصدار التشريعات .
وبإلقاء نظرة شاملة على مشروع القانون نجد انه يتكون من 24 مادة تتضمن تشكيل المجلس واختصاصاته وآلية عمله و معظم مواد القانون تعتبر مناظرة لمواد تخص مجلس النواب وردت في الدستور أو في القانون الانتخابات و سنركز في قراءتنا للمشروع على المواد الخلافية التي تثير الجدل وتختلف فيها الآراء .
و نبدأ بالنص الوارد من الفقرة (ب) من ثانياً من المادة الثانية التي بينت وجوب توفر نفس الشروط المطلوبة في المرشح لمجلس النواب .
و نقطه الضعف في هذا النص تكمن في إن مجلس الاتحاد سيشكل سلطة لمراجعة مشروعات القوانين الصادرة من مجلس النواب أي انه بمثابة سلطة رقابية أو تدقيقية على التشريعات مما يتطلب في أعضاء هذا المجلس مستوى علمي وخبرة تؤهله للقيام بهذه المهمة لذا نقترح أن يشترط في المرشحين لعضوية هذا المجلس حصولهم على شهادة البكالوريوس كحد ادنى مع خبرة و ممارسة في دوائر الدولة أو النشاط الخاص بما لا يقل عن خمس عشرة سنة و أن لا يقل عمرالمرشحين عن (40) سنة، نصت المادة (3) من المشروع على سريان قانون انتخابات مجلس النواب العراقي على انتخ?بات مجلس الاتحاد و هذا يعني ضمنا سريان المادة (13) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45) لسنة 2013 النافذ حاليا التي تنص على وجوب أن لا يقل عدد النساء المرشحات عن الربع في القائمة و أن لا يقل نسبة تمثيل النساء في المجلس عن الربع و لوجود خشية من تعديل النص في قانون انتخابات مجلس النواب بالاتجاه السلبي نرى ضرورة و جود نص على نسبة تمثيل النساء في مجلس الاتحاد و بما لا يقل عن 25بالمائة من عدد الأعضاء .
و تشكل المادة (13) من مشروع القانون الاختصاص الرئيسي للمجلس المتمثل بصلاحية المجلس بتقديم مقترحات القوانين و آلية ذالك كما ورد ضمن الفقرة ( أولاً ) من المادة المذكورة في حين تضمنت الفقرة ( ثانياً ) من نفس المادة آلية التعامل مع مشاريع القوانين المحالة عليها من مجلس النواب حيث عالجت الفقرة (أ) حالة موافقة المجلس على مشروع القانون المشرع من قبل مجلس النواب بإعادته إلى مجلس النواب خلال (15) يوم لغرض استكمال آلية تشريعه .
بينما عالجت الفقرة (ب) حالة عدم حصول المشروع على الاغلبية المطلوبة في المجلس و التي قضت بإعادته لمجلس النواب مع بيان الأسباب في حين بينت الفقرة (ت) حالة موافقة مجلس النواب على أسباب الاعتراض و في هذه الحالة على مجلس النواب إشعار مجلس الاتحاد بذلك ورفع المشروع إلى رئيس الجمهورية للمصادقة و الإصدار . و تناولت الفقرة (ث) أهم الحالات و هي رفض مجلس النواب لأسباب الاعتراض التي أبداها مجلس الاتحاد و إعادتها إلى مجلس الاتحاد و التي خيرته بين حالتين أما الموافقة على القانون أو الإصرار على اعتراضه و إعادته إلى مجلس?النواب الذي يبقى أمامه خيار واحد لتشريع القانون و اعتباره مقراً يتمثل بوجوب حصوله على اغلبية الثلثين من اعضاء المجلس و بخلافه يعتبر المشروع مرفوضا و هنا تكمن السلطة الحقيقية لمجلس الاتحاد على التشريعات و نقطة المرونة التي يمكن إعمالها في هذه الحالة تتمثل بالاكتفاء بأغلبية أعضاء مجلس النواب من الحاضرين في الجلسة كاملة النصاب بدلاً من ثلثي أعضاء المجلس . و من بين أخطر المواد القانونية الواردة في مشروع القانون نص المادة ( 14 ) التي نصت على ( يكون لممثلي المحافظات المنتظمة بإقليم و المحافظات غير المنتظمة بإقل?م حق نقض القوانين التي يسنها مجلس النواب في حال مساسها بالحقوق أو بالصلاحيات الدستورية و القانونية لأقاليمهم أو محافظاتهم ) و تتمثل خطورة هذه المادة بالرجوع إلى نص المادة (12) من القانون التي بينت في الفقرة ( أولاً ) تحقق نصاب انعقاد جلسات المجلس بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضاءه ( 50 بالمائة + 1) و بينت في الفقرة ( ثانياً ) بأن قرارات المجلس تتحقق بالأغلبية البسيطة بعد تحقق النصاب أي ( 50 بالمائة من الحاضرين + 1 ) و ترجمة هذه النسبة إلى أرقام على فرض أن عضوية مجلس الإتحاد تضم ( عدد الأقاليم و المحافظات م?روباً في 4 ) هو (64) عضواً أي أن عدد الأعضاء المطلوب تصويتهم لنقض القوانين هو (17) صوتاً فقط .
و هذا يشكل خطورة كبيرة ومن جانب آخر فإن هذه المادة تتعارض مع اختصاص المحكمة الاتحادية العليا المؤسسة بموجب المادة (92) من الدستور و التي نصت الفقرة ( أولاً ) من المادة (93) من الدستور على أبرز اختصاصاتها المتمثلة بالرقابة على دستورية القوانين و الأنظمة النافذة مما يتطلب إعادة نظر شاملة بهذه المادة و جعلها لا تتعارض مع النصوص الدستورية .
و في الختام من المفيد أن نشير إلى أهمية تشريع قانون مجلس الإتحاد باعتباره يشكل جزءاً أساسياً في بناء الدولة إضافةً إلى كونه يحد من المركزية المطلقة في إدارة الدولة من خلال مجلس الإتحاد الذي يمثل التكافؤ لسلطة الأقاليم و المحافظات بغض النظر عن عدد سكانها أو مساحتها أو أهميتها الاقتصادية من خلال التمثيل المتساوي للأقاليم و المحافظات إضافةً إلى إن هذا المجلس سيشكل صمام أمان من خلال إعادة دراسة تشريعات مجلس النواب يضاف إلى ذلك سيكون مبدأ ثنائية السلطة التشريعية عنصراً إيجابياً من خلال زيادة الرقابة على السلطة ?لتنفيذية و نأمل أن يستمر مجلس النواب في استكمال تشريع القوانين المهمة التي تشكل أركاناً أساسية في بناء هيكلية الدولة منها قانون مجلس الإتحاد .