المنبرالحر

الصخر في الجرف / قيس قاسم العجرش

في نهاية كل توصيف تاريخي لأي معركة ثمة دروس تعبوية مستخلصة يجب ان ينظر فيها ضباط الاركان، بل كل دارسي التاريخ العسكري بعمومهم.
انتهت معركة جرف الصخر الآن ونتمنى أن يكون الإضطراب الأمني فيها الذي استمر عشر سنوات قد اصبح من الماضي. لكن دروسها المستخلصة يجب ألا تصبح ماضية ابداً.
صحيح أن المعركة مع الإرهاب هي مواجهة فكرية وفيها بعدٌ عقائدي مُمتد إلا أن أدوات الحرب والميدان هي نفسها ولا تغيير فيها إلا ما ندر.
الغرف المغلقة لهيئات الأركان العراقية سواء في الجيش أم في الشرطة عليها أن تسأل نفسها صراحة سؤالين مهمين:
الاول، لماذا تمكنت القوات المسلحة الآن (بكل أنواعها وأصنافها) من هزيمة الإرهاب في هذه المنطقة؟ مالذي تغير في أدائها عن القوة السابقة؟
والثاني،لماذا كان عسيراً تأمين هذه المنطقة طوال عقد من الزمان؟ ماهي (الصّخرة)الحقيقية في جرف الصّخر التي كانت تمنع الأمن وبسط القانون؟
يبدو من مسار الأحداث ان الإنسداد الحقيقي كان يكمن بالأصل في جرف القوات المسلحة المناط بها واجب الأمن على مدى العقد الماضي. سبب ما في أدائها لم يكن يؤهلها أن تهزم مجاميع الارهاب هزيمة نهائية واسعة كما حدث الآن.
أما الارهاب فلا جديد في تكتيكاته المبنية على التخفي بين المدنيين واستخدامهم دروعاً، إضافة الى تجنيده الشباب سواء بالاغراء او القسر أو التأليب الطائفي او استقدام الارهابيين الاجانب.
واقع الارض يقول ان القوة الارهابية التي واجهت قواتنا المسلحة او الحشد الشعبي إنما كانت الاوسع والاقوى من بين حشودات الارهاب السابقة ومع ذلك فقد هزمت شر هزيمة.
أليس الاجدى ان ننظر في ماضي الاداء الامني للشرطة والجيش لنحاول ان نكتشف ثغرات سبق ان تسلل منها الارهاب؟
حتى المنتصرون يجب أن ينشغلوا بأسباب النصر كي يكرروه في أماكن أخرى. وليس خافياً على احد ان معارك أشد ضراوة تنتظر القوات المسلحة مع الإرهاب وربما تكون المعارك القادمة هي الاوسع ولا نقبل من الابطال في جرف الصخر إلا أداءً مماثلاً، يحسم التذبذب ويطهر الارض ويحرّمها على الارهاب الى الابد.
هذا ببساطة لن يتأتى إلا اذا عرفنا الثغرات السابقة واماكنها وتوصيفها وكيف تم رتقها.. جرف الصخر لا صخر فيه، إنما لدى قواتنا المسلحة (صخوراً) قد احسن القادة استخدامها فعادت الارض الينا فهل سيحسنون الاستخدام في كل مرة؟