المنبرالحر

من قتل سامي عليوي؟ / طه رشيد

نشأ وترعرع في الكرادة، فهو بغدادي المولد والنسب منذ اجيال عدة .لم يحب مدينة مثل ما احب بغداده التي قضى فيها كل عمره متغنيا بحدائقها ونسائها وزهورها وشطوط دجلتها. ولد فيها منتصف اربعينيات القرن الماضي، ووصل به الحب لمدينته حد الوله والعشق خاصة حين اكتشف نفسه وسط عائلة تهيم بالجمال والموسيقى والغناء. فاخوه الاكبر « صائب « اطال الله في عمره قارئ مقام متميز لا تعنيه الاضواء، فراح يعلم اساسيات هذا الغناء لمن احب من المقربين له. اما سامي وهو المسكون بالمواهب المختلفة من الرياضيات الى الغناء ( جمع بين العلم والفن ) فقد وجد ضالته في الغناء العراقي وبالاخص المقام، حتى اصبح من المتميزين بقراءة مجموعة من الانغام والمقامات: الرست، الصبا، القطر، اللامي، الخنبات ويتفنن بقراءة مقام الابراهيمي.. وهو يفتخر بانه احد مقلدي معلم المقام العراقي الاول الراحل محمد القبانجي . ولا يبخل سامي بقراءة القران في مجالس الفاتحة التي تقام على ارواح الراحلين من اقربائه او اصدقائه المقربين، في حسينية «سعدة» الاثرية في الكرادة. لكنه لا يجوّد الا على الطريقة المصرية مقلدا شيخ القراء الراحل ابو العينين الشعيشع.
واذا اردت الاستماع الى طريقة « غناء « سامي عليوي ما عليك الا ان تضع اسمه على ماطور البحث، المنقذ العم كوكل، وهو سينقلك بسهولة ويسر الى عوالم سامي الغنائية.
في ليلة العاشر من محرم الماضي كان سامي عليوي يسير في شارع الكرادة ـ داخل الرئيسي والمكتظ في ارصفته بالباعة والمتجاوزين، مما يجبرك على المشي في الشارع، مثل ما فعل سامي ، لتأتي سيارة شرطة كبيرة مسرعة سائرة في الإتجاه المعاكس وترتطم بسامي وتسقطه ارضا فينقل الى المستشفى ولا يلبث إن يفارق الحياة بعد يومين، ليخسر العراقي موهبة غنائية قل مثيلها في ايامنا المغبرة هذه، حيث الدخلاء على الفن والثقافة لم يتركوا حيزا الا وحشروا انوفهم فيه لتكون المحصلة اصواتاً غثة لـ»كلام « ما انزل الله به من سلطان !
وقبل ان نغلق عمود سامي عليوي لا بد ان نشير لسيارات الشرطة المسرعة بسبب او بدونه، والمتجاوزة على حرمات المواطن دون حسيب او رقيب. وهناك العديد من السيارات المدنية تستخدم اجهزة تنبيه سيارات الشرطة، ولا تعرف مكمن الحقيقة، لمن يعود هذا العدد من السيارات المستهترة بالشارع العراقي؟ الا يوجد قانون يحمينا منها؟ ثم، حتى مركبات الشرطة يفترض بها ان لا تتجاوز على حركة المرور حتى لو كانت بواجب فعلي . فهل يا ترى سيارة الشرطة التي صدمت الفنان الراحل سامي عليوي، كانت مكلفة بواجب فعلي ام ان الشرطي كان مسرعا ليحصل على صحن هريسة او ماعون قيمة؟
اتمنى ان يكشف التحقيق ملابسات الحادث، وان يصار الى تكريم الفقيد سامي عليوي كما يستحق الفنان والمعلم ، لا ان يسجل ضد مجهول ويطوى الملف رغم وجود عشرات الشهود!