المنبرالحر

لتتواصل هذه الصحوة !/ محمد عبد الرحمن

في دستورنا الذي اقر عبر الاستفتاء العام في 10 تشرين الاول 2005 ، كرس الفصل الرابع للهيئات المستقلة . وهذه الهيئات عديدة وهي ذات اهمية فائقة ويشمل اختصاصها نواح عدة : سياسية واقتصادية واجتماعية ، وتتعلق بحقوق الانسان ومعيشة المواطنين ومحاربة الفساد وحفظ المال العام والرقابة على اداء مؤسسات الدولة . فالمادة 102 تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة ، هيئات مستقلة ، فيما تقول المادة 103 ان كلا من البنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية وهيئة الاعلام وال?تصالات ودواوين الاوقاف ، هيئات مستقلة ماليا واداريا. وعلى ان تنظم اعمال جميع هذه الهيئات بقوانين .
وهناك المادة 104 التي تدعو الى تأسيس مؤسسة الشهداء ، وهي تربطها بمجلس الوزراء حالها حال دواوين الاوقاف. فهي تختلف هنا عن الهيئات الاخرى ، التي تشير المواد الدستورية صراحة اما الى خضوعها لرقابة مجلس النواب ، او لارتباطها به .
ولقد كانت استقلالية هذه الهيئات موضع جدل ، وسعى البعض لتسخيرها لتحقيق مراميه الذاتية الضيقة ، فيما كانت هناك اجتهادات قضائية خولت مجلس الوزراء عمليا الهيمنة عليها . وكان ذلك ضمن توجه خاطيء ليس فقط لاخضاع هذه الهيئات المستقلة ، بل حتى لجعل القضاء ينحاز في بعض مواقفه الى السلطات التنفيذية ، بحيث بدا وكأنه ينفذ اوامرها وما شكله ذلك من خلل كبير في طبيعة الهيئات المستقلة .
مناسبة اعادة التذكير بالهيئات المستقلة ، هو اللقاء الذي عقد يوم الاربعاء الماضي ، بدعوة من رئيس مجلس النواب ، مع رؤساء تلك الهيئات للتعريف بطبيعتها وعملها .
واذ يسعى مجلس النواب الان لاستعادة دوره التشريعي والرقابي كاملا بعد فتاوي السلطة القضائية ، فمن الواجب ايلاء هذه الهيئات اهتماما وعناية خاصة ، لا سيما وان هناك وضوحا كافيا حول كون العدد الاكبر منها له قوانينه الخاصة ، وهي بمسؤولية مجلس النواب . كما ان حالة التواصل بين الرئاسات الثلاث القائمة الان ربما تتيح التقدم خطوة الى امام ، لجهة ترصين عمل الهيئات وتدقيقه وفحص روابط الصلة بها والاشراف الفعلي على عملها وتفاصيله .
ان تفعيل عمل هذه الهيئات وقيامها بواجبها على نحو افضل يتطلب قبل كل شيء تشريع قوانينها وتعزيز استقلاليتها وضمان حياديتها. ولن يكون ذلك ممكنا من دون استقلال مالي واداري ، واختيار للكادر الكفؤ في مجالس ادارتها والنأي بها عن المحاصصة الطائفية - الاثنية المقيتة ، وعن مبدأ « التوازن « الذي هو امتداد لهذه المحاصصة. فلهذه الهيئات دور مقرر في العديد من الامور ، فواحدة منها على سبيل المثال ، وهي الهيئة العليا للانتخابات وفروعها وتشكيلاتها ، ووفقا لصلاحياتها يمكن لها ان تتحكم بمن يكون في مجلس النواب ومن لا يكون.
ان المطلوب الان هو مراجعة شاملة لواقع هذه الهيئات وعملها ، ومدى قدرتها على اداء مهامها وانسجام ذلك مع قوانينها وروح مواد الدستور وما انيط بها من ادوار . وهذا يشمل ، من بين ما يشمل ، اعادة بناء اجهزتها وتخليصها من الفاشلين والفاسدين وغير الكفوئين ، ومن هم في قوامها الان لاعتبارات المحاصصة والعشائرية والقرابة والحزبية الضيقة والمحسوبية والمنسوبية ، والولاءات لهذا الشخص او ذاك .