المنبرالحر

الصناعة والبحث المعملي والرواتب! / ريسان الخزعلي

بعد عام 2003، واجه القطاع الصناعي مشاكل عديدة، من بينها تصليح المصانع التي دمرتها الحروب وإعادة تأهيلها، توفير المواد الاولية المستوردة، استيعاب الاعداد الكبيرة من العاملين الذين تركوا العمل لأسباب سياسية واقتصادية، عدم انتظام الدوام وكثرة العطل، قروض الرواتب من مصارف وزارة المالية لعدم قدرة الشركات الصناعية على تمويل هذه الرواتب، مما أثقل كاهلها المالي، وقد لا تتمكن من اعادة القروض خلال السنوات القادمة. كذلك اغراق السوق بالمنتجات الأجنبية دون رقابة نوعية وتعريفات كمركية، تقليص الدوام، الظروف الأمنية، تقادم المصانع وغياب تحديث الخطوط الانتاجية، التلكؤ في تنفيذ المشاريع الاستثمارية نتيجة الفساد الاداري والمالي، العزوف عن استخدام المنتج الصناعي المحلي حتى بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص، ابتعاد الكوادر المتقدمة عن اعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية، اساليب البحث والتطوير الصناعي، عدم وجود سياسة تخطيطية اقتصادية واضحة لمعالجة تراجع الصناعة، استمرار معاملة العمال كموظفين على ضوء قرار قديم مجحف، البطالة المقنعة، انعدام حماية المنتج والمستهلك، اعداد موازنات تخطيطية سنوية رابحة على الورق فقط ولا تنسجم مع الواقعين الانتاجي والتسويقي، انعدام التخصص الصناعي في القيادات العليا، ضعف النشاط التسويقي والاعلامي، إهمال دور الصناعة في التنمية الاقتصادية.
كل هذه الاسباب وغيرها، أدت الى تدني الانتاج والانتاجية، ورغم بعض المعالجات التي حصلت، الا انها لم تكن ذات ابعاد استراتيجية، وانما كانت آنية الاجتهاد. وقد رافقت كل هذه الاسباب، صعوبة حصول العمال والموظفين على رواتبهم، مما جعلهم يتظاهرون في كل عام، مطالبين بصرفها. مع ملاحظة ان هذه الرواتب اصبحت تشكل 80 بالمائة من كلف الانتاج، في حين ان المعيار العالمي لها لا يتجاوز 30 بالمائة، وبالتالي انعكس ارتفاع كلف الرواتب على قيم المنتجات، فضعفت منافستها للمنتوجات الاجنبية. غير ان الموظفين يطالبون برواتبهم، ويبدو انهم غير معنيين بهذه الاسباب كونها خارجة عن ارادتهم، ويرون ان معالجتها تقع على عاتق المسؤولين في الادارتين الفنية والعليا.
ان المعالجات الآنية لا تجدي نفعاً، ما لم يتم الاعتماد على اساليب البحث المعملي التي تقوم على عدة مفاهيم واجراءات مجربة، من بينها نظرية بحوث العمليات (operation research) بطرائقها المتنوعة المعروفة لدى كافة العاملين في مجالات التخطيط الصناعي كما يفترض، حيث تتم الدراسة حسب اساليب ومعادلات حسابية رياضية واحصائية، واختيار النموذج الرياضي الذي يُظهر نتائج تشير الى الربح، ومثل هذا النموذج يرتبط بمعرفة معدل حجم الاستيراد الذي تقوم به وزارة التجارة من المنتجات خلال السنوات التي تسبق سنة اعداد الخطة، مما يوفر فرصة مقارنة بين ما ينتج محلياً وما مطلوب استيراده. وبذلك تكون كمية الاستيراد الحقيقي سواء كان ذلك من خلال هذه الوزارة او القطاع الخاص على النحو الآتي:
(معدل كمية الاستيراد السنوي ) كمية المنتج المحلي) ولكل منتج على حِدَة، وبذلك تتخلص السوق من سياسة الأغراق.. وللحديث أكثر من بقية لاحقة.
* بالعراقي، ردّ عليَّ موظف (محروك كلبه) نتيجة عدم استلام راتبه لشهرين متتاليين:
عمي إحنه إنريد رواتبنه.. هذا حچيك مو شغلنه.. شغل غيرنه رحمه إلوالديك.. غير انتم خبراء ومهندسين واتحلون المشكلة..؟!.