المنبرالحر

الحقوق تنتزع .. ولا تمنح !/ عدنان الصفار

نظم عمال ومنتسبو عدد من شركات وزارة الصناعة والمعادن خلال الفترة القريبة الماضية سلسلة من التظاهرات المطلبية للدفاع عن حقوقهم المشروعة في ضمان استمرار عمل هذه الشركات لإرساء قاعدة صناعية حقيقية ولتساهم في إعادة بناء الاقتصاد الوطني بشكل فاعل، بدل الاعتماد على الاقتصاد الأحادي الجانب بالاعتماد على الريع النفطي دون أي تنوع يساهم في حل المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها بلدنا.
ان الصناعة العراقية بمختلف قطاعاتها تعاني منذ أكثر من عقدين من مشاكل ومعوقات عدة بسبب السياسات غير الاقتصادية وانعدام الرؤية لما يتطلبه الواقع الاقتصادي العراقي وعدم تقديم الحلول الناجعة لحل كل هذه المشاكل والمعوقات.
وتأني الازمة الحالية في عدم القدرة على تسديد المستحقات الشهرية للعاملين في شركات وزارة الصناعة خير تعبير عن خطل السياسة الاقتصادية (فيما اذا كانت هناك سياسة اقتصادية فعلاً)المتبعة منذ عام 2003 ولحد الان.
فخارطة الطريق التي أتاهت الطريق عليها، وعلى هذه الشركات ال (176) شركة، أعدت من قبل هيئة المستشارين في مجلس الوزراء التي كانت قد أنهت إعداد خارطتها في 30 / 8 / 2010، ولم تستطع التقدم خطوة واحدة على " المضي في إصلاح وإعادة هيكلة الشركات العامة المملوكة للدولة " وفقاً لخارطة الطريق المقدمة من قبلها رغم أنها تعاونت مع " منظمة الأمم المتحدة والبنك الدولي " !!. وتمت الموافقة على هذه الخارطة من قبل مجلس الوزراء بجلسته الخامسة والثلاثين الاعتيادية المنعقدة بتاريخ 31 / 8 / 2010. وشملت خارطة الطريق هذه اتخاذ إجراءات تنظيمية على المستوى المؤسسي وفق ثلاث مراحل حسبما جاء في كتابها 504 في 30 / 8 / 2010 هي:
1 ــ المرحلة الحالية: أمدها سنة واحدة من إقرار مجلس الوزراء لخارطة الطريق ويتم خلالها تشكيل وحدات إعادة الهيكلة في الوزارات المعنية.
2 ــ المرحلة الانتقالية: وتستمر لمدة أقصاها سنة ولحين تشريع قانون الإصلاح الاقتصادي ويتم خلالها إنشاء " لجنة إعادة الهيكلة ".
3 ــ المرحلة الأخيرة: " وربما! " تستمر لخمس سنوات تتشكل خلالها هيئة تحويل الشركات.
وتستمر خارطة الطريق.. طريق الصد ما رد !!.. في تصفيتها للمؤسسات الصناعية الاقتصادية العراقية لتنتقل إلى إنهاء القوى العاملة العراقية، وإضافة قوى جديدة إلى " خارطة "الفقر في العراق" بأن وضعت "حزم التخفيف الاجتماعية" كما سمتها للحد من المشاكل الاجتماعية المحتملة الناتجة عن عملية إعادة الهيكلة والتي تتلخص في ((سيتم تأمين القدرة على الوصول إلى دفعات التعويض والقروض على أساس طوعي. وفي نهاية فترة الدعم، سيتم تحويل الأفراد الذين لم يتم إعادة توظيفهم ولم يقبلوا التعويضات إلى شبكة الحماية الاجتماعية أو التقاعد المبكر))!. هذا ما عملت عليه الخارطة لتدمير الصناعة الوطنية العراقية وإنها القوى العاملة صاحبة الخبرة المهنية العالية المتراكمة طيلة سنوات عملها في هذه الشركات. وكأنها قدمت الحل السحري لمشاكل ومعاناة شركات وزارة الصناعة وغيرها دون الاكتراث لأي منطق علمي اقتصادي اجتماعي حقيقي. والدليل ان هذه الخارطة منذ الموافقة عليها ولحد الآن وطيلة اكثر من أربع سنوات لم تجد أي حل لما تطرقت اليه وصولاً إلى رد عمال ومنتسبي هذه الشركات بتظاهراتهم منذ فترة تاكيداً لرفضهم هذه السياسة الخاطئة أصلاً. وتأتي مطالبة العاملين في شركات وزارة الصناعة والمعادن برواتبهم ومستحقاتهم حقاً مشروعاً لا يمكن السكوت عنه كما نصت عليه قوانين العمل، عراقيا وعربيا وعالمياً.. حيث نصت المادة (12) من قانون العمل النافذ (على علاته) بأن " تعطى المبالغ المستحقة للعامل أو من يخلفه في حقوقه الناشئة عن علاقة العمل، أعلى درجات الأمتياز على جميع أموال صاحب العمل المدين المنقولة وغير المنقولة بما فيها ديون الدولة ". وأيضاً إذا كانت مترتبة على مرفق من مرافق القطاع العام، فأن أي تأخير غير مبرر في تأدية هذه المبالغ لصاحب الاستحقاق، يعرض المسؤول عن هذا التأخير للمؤاخذة الإدارية، ويعطي العامل الحق في التعويض عن الضرر الذي لحق به من جراء التأخير.
أننا اذ ندعو لاستمرار التظاهر السلمي المطلبي وفقاً للحق المشروع الذي نص عليه الدستور العراقي في مادته ال (36 ــ ثالثاً) للتعبير عن رفض نهج سياسة الخصخصة وهيكلة المؤسسات العامة المملوكة للدولة بشكل عشوائي وما ينتج عنها من تخبط وزيادة البطالة والفقر والمساس بالقدرة الحقيقية للاقتصاد الوطني العراقي في عملية النهوض المطلوبة مؤكدين أن " الموقف السليم لا يكمن في خصخصة هذا القطاع، بل في بلورة منهجية واضحة، تتيح التغلب على آليات النهب التي تعرض لها ولا يزال، وإجراء تقييم اقتصادي شامل وموضوعي لمؤسساته، قبل الإقدام على أي خطوة لتغيير ملكيته. فهذا يشكل مدخلا جديدا، يتيح إمكانية إصلاح القطاع العام وإعادة بنائه استنادا الى معيار الكفاءة الاقتصادية، ومعيار الوظائف الاجتماعية التي تؤديها الدولة في الحقل الاقتصادي، مع تدعيم الرقابة المجتمعية على هذا القطاع، واعتماد مبدأ الشفافية في تسييره، وتنشيط دور الفاعلين الاجتماعيين المختلفين، بما ينسجم مع الترابط الجدلي بين التنمية والديمقراطية".