المنبرالحر

تصريحات وأجواء تخدم الأعداء ! / مرتضى عبد الحميد

منذ عشر سنوات أو تزيد، إبتلي العراقيون بما يسمى بـ "الربو السياسي" سداه ولحمته ضيق المجاري السياسية، وهو مرض خطير لا يصيب شعباً من الشعوب، إلا وأحاله إلى حطام وخراب، ثم لا تجد من يقف على إطلاله، سوى غربان السياسية السود. وهذا ما حصل مع الأسف الشديد في عراقنا المطعون في القلب بسيف المحاصصة الطائفية-الاثنية الصديء.
الآن وقد لاح بصيص من الضوء في نهاية النفق المظلم، واستبشر الناس بكوة الأمل الصغيرة، التي فتحتها الحكومة الجديدة برئاسة العبادي، تجد أن البعض لا يرضيه ذلك، ويتصرف أو يصرح أو يطلق بالونات اختبار لا تنسجم مع هذا التوجه الجديد، بل هي في المطاف الأخير عامل عرقلة وتعقيد لما هو معقد اصلاً، ولما هو في حاجة إلى انفراج ولو بحجم خرم الإبرة، لكي يستعيد المواطن العراقي شيئاً من الثقة التي تبخرت في أتون المعارك العبثية واللصوصية التي أشعلها المتنفذون.
أن التوقيت المناسب للتصريح أو للسلوك المعين مسألة يجب أن تحظى بالأولوية لدى من يطلقه أو يمارسه، لا أن يخبط خبط عشواء، أو كمن يرمي حجارة في ظلماء، وإذا كان المسؤول حصيفاً وحريصاً على مصلحة بلده وشعبه، وهو ما يجب أن يكون، عليه أن يزن التصريح أو السلوك بميزان الذهب كما يقال، لأنه قد يلحق ضرراً بالغاً، وربما لا يمكن إصلاحه بملايين الناس، أو يفيدهم وينفعهم إذا كان عقلانياً وتوقيته سليماً.
من الإجراءات والتصريحات التي تدخل في هذا السياق السلبي، ما قامت به محكمة الجنايات المركزية في إصدار حكمها بأعدام "احمد العلواني" في وقت يتصدى فيه أبناء الانبار وعشيرة البوعلوان بالذات لوحوش "داعش" من اجل طردها وتخليص العراقيين من شرورها. فأية حكمة في ذلك وفي هذا الوقت بالذات؟ وهل هذا القرار يأتي ضمن الإضافات النوعية لعملية المصالحة الوطنية؟!
كما أن تصريح رئيس وزراء إقليم كردستان حول الموصل، وما يطرح الان من مشاريع وأفكار بشأن منح الحق لكل مواطن كردي في تفتيش العرب القادمين من المحافظات الأخرى، الأمر الذي سيسيء للأخوة العربية- الكردية، المعمدة بالدماء الزكية طيلة عقود من الزمان.
وثالثة الأثافي كما يقول المثل العربي، هي ما يدور من إشاعات، تشير إلى مؤامرات خفية يحيكها رئيس الوزراء السابق السيد "المالكي" لخلفه ورفيق دربه "العبادي" في مسعى للإطاحة به، أو وضع العراقيل في طريقه، ومنها إصرار "المالكي" على الاحتفاظ بالمباني والآليات التابعة لمجلس الوزراء، وفي تصريحاته وانتقاداته لسياسات "العبادي" وتسخير وسائل الأعلام والمواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي لاتهام الحكومة الجديدة ونعتها بصفات تعكس مشاعر الاستهزاء والسخرية من الخطوات والإجراءات التي تنفذها في معالجة الملفات العالقة، ووصفها بالانبطاحية والانهزامية وسواها من النعوت.
أن من واجب الحريصين على المصالح الحقيقية للشعب والوطن، معالجة هذه الهفوات، أن حصلت فعلاً، وتكذيبها وإدانتها أن كانت من نسج الخيال، فالوضع السياسي والأمني في العراق لا يحتمل مزيداً من السوء والتدهور ولات ساعة مندم.