المنبرالحر

سياسة التقشف..إلى اين ؟ / ابراهيم المشهداني

تنشغل الحكومة العراقية هذه الايام بإعداد الموازنة الاتحادية العامة لعام 2015 بعد الإخفاق في اعداد موازنة 2014 للمبررات التي جري تسويقها ومن بينها انتهاء السنة المالية ، وعدم جدوى موازنة هذا العام لان النفقات الحكومية التي صرفت اقتصرت على النفقات التشغيلية وهي عبارة عن سلف يجرى إطفاؤها نهاية العام من المصادر المالية المتاحة وسيكتفي البرلمان بالإطلاع على الحسابات الختامية التي تظهر اوجه الانفاق ولم يتضح فيما اذا كان ديوان الرقابة المالية قادراً على انجاز الحسابات الختامية وهو امر مشكوك فيه لان الحسابات الختامية للسنوات السابقة لم تقدم مع مشاريع الموازنات .
وإذا دققنا في التصريحات التي ادلى بها وزيرا المالية والتخطيط التي كانت متشائمة بشكل وأضح من خلال التخوف من الحجم الكبير للعجز والصعوبة في تغطية هذا العجز من الايرادات النفطية التي تتهاوى اسعارها يوما بعد اخر الامر الذي يدعو مصممي الموازنة الى الضغط على النفقات التشغيلية حيث ان النفقات الرأسمالية على ما يبدو لا مكان لها في هذه الموازنة وسيصار الى اقتصارها على اكمال المشاريع المتوقفة ومبعث ذلك كله الظروف الامنية التي تمر بها البلاد وتوجيه موارد البلاد المالية لتغطية متطلبات الحرب هذا وفقا للتصريحات الحكومية والبرلمانية .
والسؤال المهم في هذا المجال اين ستوجه النفقات وما هو نصيب الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود من هذه النفقات لا سيما وان الموازنة ستكون تقشفية والتقشف هنا يعني الضغط على الانفاق الكلي الذي ينتج بدوره حالة الانكماش في الاقتصاد وفي هذه الحالة يتوقف نشاط القطاعات الانتاجية في الصناعة والزراعة مما سيؤدي الى انخفاض قيمة الانتاج المحلي الاجمالي الناتج عن انخفاض اسعار النفط والذي كان يشكل اكثر من 70% من الناتج المحلي الاجمالي مع ما يصاحبه من انخفاض الدخل الكلي ويرفع من مستوى البطالة العالي اصلا .
خلال السنوات العشرة الاخيرة كان توزيع الثروة على اسوء ما يكون ومعظم الموارد المالية انفقت على مشاريع فاشلة مع ارتفاع جنوني في الانفاق الحكومي بعضه انفق على جوانب ترفيهية من اثاث وسيارات وايفادات ، وجله ذهب الى جيوب الفاسدين ممن خرجوا من العالم السفلي لكن سوء الادارة واهتمامها بالصفقات جعلت من هؤلاء علية القوم لهذا لم تحظ الطبقات الفقيرة بما تستحقه من الخدمات العامة والتشغيل والسكن والخدمات الصحية كما ينبغي وهي بهذا المستوى المتدني كيف ستواجه المقبلات من الايام اذا ما تم تحميلها اعباء التقشف لهذا ستواجه مشكلة مركبة . في هذا الظرف العصيب توقف الدولة رواتب موظفيها العاملين في الشركات الحكومية، بعضها لستة اشهر والآخر لثلاثة اشهر وبعضها القليل متجه الى توقيف صرف رواتبهم بحجة نظام التمويل الذاتي الذي وضعه النظام الصدامي ولا زلنا نتمسح باكتافه، ففي اية دولة في العالم توقف رواتب العاملين فعلا في القطاعات الحكومية ؟ انها اشكالية اقتصادية اجتماعية متعارضة مع نص وروح الدستور ما يتعين التوقف عندها ودراستها ضمن الظرف الملموس الذي تمر به البلاد ووضع الحلول المناسبة وتحميل اعباء الازمة على طبقات الطفيليين والبيروقراطيين والكومبرادور الذين ابتزوا خلال السنوات الماضية معظم موارد البلاد بالتحايل والسرقة والتزوير ، من خلال اتباع سلسلة من الاجراءات نجملها بما يلي :
1. ترشيد الانفاق الحكومي وإلغاء النفقات غير الضرورية ومجاراة ما تم اتخاذه من تخفيض رواتب رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه ورئيس البرلمان ونوابه الى النصف وشمول كافة ذوي الدرجات الخاصة من الوزراء ووكلائهم والمستشارين والنواب ومن بدرجاتهم ، بصورة نهائية وتعديل التشريعات الخاصة بهذه الرواتب وتخفيض السيارات الى النصف وإيقاف الايفادات إلا في الحالات القصوى .
2. تقليص عدد سيارات مواكب المسؤولين الى النصف للتخفيف من تكاليف الوقود والصيانة ومنع الاستخدام غير المبرر للسيارات الحكومية خارج الدوام الرسمي .
3. تفعيل قانون التعرفة الكمركية على البضائع المستوردة عدا السلع غير الضرورية واستثناء المواد الغذائية والأدوية،وكل ما يدخل ضمن سلع الاستهلاك الشعبي .
4. فرض ضرائب تصاعدية على ذوي الدخول العالية من كبار موظفي الدولة المشار لهم في الفقرة (1) في اعلاه ، والطبقات الطفيلية وأصحاب العقارات الضخمة والتجار الكبار والمقاولين
5. تشجيع المواطنين على الادخار وخاصة الودائع الثابتة سبيلا لتفعيل الاستثمار خارج مجال المضاربات المالية .