المنبرالحر

فاصل كوميدي في الكونغرس الامريكي ..! / علي فهد ياسين

عديدة هي الامثلة على المواقف المتناقضة التي تتخذها بعض الدول خدمة لمصالحها ، وربما تتصدر الولايات المتحدة باقي دول العالم في هذا المجال ، وعلى أساسه كانت ولازالت الاتهامات الموجهة لها باعتماد سياسة ( الكيل بمكيالين ) ، نتيجة القوانين والقرارات السياسية المتناقضة التي تتخذها في القضايا الدولية الشائكة داخل المنظمات الدولية وخارجها.
لكن ما أعلن عنه نائب وزير الخارجية الأمريكي بيرت ماكغورك يوم السبت الماضي في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي ( تويتر ) ، يمثل أساءة للعراق قبل أن يكون فضيحة من الطراز الثقيل للكونغرس الأمريكي والادارة الأمريكية معاً ، فقد كتب ( ان الكونغرس الأمريكي أقر مشروع قانون لإخراج اسمي الحزبين الكورديين ، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني من اللائحة السوداء للجماعات المصنفة على الارهاب ) ، وأضاف ( نحن سعداء لتصحيح الأمر ) ، وأن القرار سيعرض على الرئيس الأمريكي لتوقيعه !، وكان قرار وضع الحزبين في هذه القائمة قد أتخذه الكونغرس في العام 2001 وفي تصنيف المستوى الثالث منها ، الذي توضع فيه الاحزاب السياسية والحركات التي ( تحارب حكومات بلدانها ) .
اي أن الحزبين لازالا مدرجين على قائمة الارهاب الأمريكية منذ عام 2001 وحتى يوقع الرئيس الامريكي القانون الجديد ، والسبب هو أنهما حاربا حكومة بلدهما، اي أنهما حاربا حكومة صدام الذي اسقطته قوات التحالف بقيادة الامريكيين عام 2003 ، ولم يجر تصحيح للأمر منذ ذلك التأريخ ، على الرغم من أن رؤساء الحزبين هم رؤساء لإقليم كردستان ولعموم العراق منذ سقوط الدكتاتورية ، اضافة الى أنهما قاما بزيارات عديدة للولايات المتحدة وللكونغرس الامريكي تحديدا في بعض تلك الزيارات ، فكيف يستقيم ذلك مع وجود حزبيهما على القائمة السوداء الامريكية للإرهاب ؟!، وكيف يكون رؤساء العراق متهمون بالإرهاب ويحاربونه في الوقت ذاته ، وكيف تعقد أمريكا اتفاقيات مع العراق أذا كان رؤسائه ارهابيون ؟!.
الغريب في الأمر أن جميع الجهات ذات العلاقة في هذه القضية ، أمريكية وعراقية لم تعلق عليها الى الآن ، وهو صمت بحاجة الى تفسير ، قبل السؤال عن اسباب بقاء القانون حتى اللحظة ساري المفعول دون تدخل الجهات السياسية للبلدين لإلغائه طوال السنوات الماضية ؟ , خاصة وهو يمس سمعة البلاد ويتعارض مع الدستور العراقي ، حيث يمثل كذلك نواب التحالف الكردستاني شعبهم في البرلمان العراقي وبرلمان الاقليم ، وهم في الغالب أعضاء في الحزبين المتهمين بالإرهاب .
أن قانون الكونغرس الأمريكي يوضح بما لا يقبل الشك الدعم الامريكي لنظام صدام الدكتاتوري بقوة في المؤسسة التشريعية الامريكية منذ قيامه حتى الفترة القريبة التي سبقت سقوطه ، رغم ادعاءات الادارة الامريكية تقاطع سياساتها مع ذلك النظام ، وهي الى الان لم تصدر قانوناً باعتبار حزب البعث حزباً ارهابياً، مع توفر جميع الدلائل على محاربته ( الحكومات العراقية المتعاقبة ) كما استندت على ذلك في وضع الحزبين الكرديين على قائمة الارهاب ، وهي والكونغرس في ذلك يناقضان قراراتهما السابقة دون تفسير ولا قاعدة قياس للتبرير .
أن قرار الكونغرس الامريكي السابق وقراره الحالي حول الحزبين الكرديين ، يمثلان فاصلاً كوميدياً يدعو للسخرية في أكبر وأهم برلمانات العالم التي يفترض أن تقدم نموذجاً للآخرين ، خاصة وهي تدعي دعمها للأنظمة الديمقراطية من اجل تحقيق العدالة وسيادة القانون ، ولا نعلم أن كانت القائمة الامريكية تضم كذلك أحزابا عراقية أخرى يعتبرها الكونغرس الامريكي ارهابية لأنها قاومت حكومة البعث الدكتاتورية خلال نفس الفترة الزمنية ، وعليه يكون لزاماً على الجهات العراقية المعنية بالأمر ، مطالبة الامريكيين بالاعتذار للشعب العراقي ومؤسساته الدستورية عن اعتبار مقاومة النظام السابق عمل إرهابي ، واسقاط كافة القوانين الصادرة منهما في هذا الاتجاه .