المنبرالحر

وماذا عن انفسكم يا اولي الامر !/ محمد عبد الرحمن

يكثر الحديث هذه الايام عن الرواتب والفجوة الكبيرة فيها بين الاعلى والادنى، واشكالية تمويل موازنة 2015 ارتباطا بعوامل كشف عورتها انخفاض سعر النفط في السوق العالمية ، وبالنظر الى ان اقتصادنا والموازنة يعتمدان بشكل اساس على الموارد المالية المتأتية من تصدير النفط الخام .
وفي خضم هذا ، بل وقبله ، كانت الاصوات ترتفع مطالبة بتقليص الفجوة المشار اليها واعادة توزيع الدخل الوطني بما ينصف الفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود، وتقدم في هذا الشأن مقترحات مختلفة. ثم جاء الآن جديد يتمثل في مبادرة المسؤولين انفسهم الى الحديث عن هذه الظاهرة المتقاطعة مع متطلبات العدالة الاجتماعية. لكن هذا الحديث جاء منقوصا، فالمسؤولون والمتنفذون يتحدثون عن الكل وينسون انفسهم وما يتقاضون هم من رواتب ومخصصات ونثريات وتسهيلات ودور سكن وحمايات وايفادات و.. و.. والحديث هنا يتعلق بالنواب والوزراء ومن بدرجتهم ، واعضاء الرئاسات الثلاث .
لقد تحدث هؤلاء عن ضرورة تخفيض رواتب الوكلاء والمستشارين والمديرين العامين ومن هم بدرجتهم، وهذا حق ومطلب مشروع. لكن ماذا عنهم هم ؟ هنا نصطدم بصمت مطبق. ولا ينفع ما اعلن من تخفيض لرواتب الرئاسات على سبيل الادخار . نعم ، ادخار صرف ، وقد جاء كما يبدو لذر الرماد في العيون ، وللزوغان عن مطلب اجراء تخفيض فعلي للرواتب والمخصصات وملحقاتها .
ومن الضروري ان تعرف الناس حقيقة التفاوت الكبير في رواتب العاملين في الرئاسات الثلاث مثلا، واقرانهم العاملين في وزارات ومؤسسات الدولة .
والاغرب ان العاملين في المنطقة الخضراء تصرف لهم مخصصات خطورة! تصوروا، مخصصات خطورة في المنطقة الخضراء المحصنة والمحمية جيدا، فماذا عن العاملين في المناطق الحمراء؟ هل حياتهم في مأمن؟ والاكثر غرابة ومدعاة للسخرية في آن واحد ، هو انه بالاضافة الى الرواتب والمخصصات تصرف للعاملين في المنطقة الخضراء مخصصات ملابس..هكذا العدالة والا فلا!
كذلك يلح سؤال حارق: لماذا هذه الاعداد الضخمة من الحمايات للرئاسات والنواب والوزراء ومن هم بدرجاتهم ؟ واذا كانت حمايات البعض ضمن ملاك الدفاع والداخلية ، فحمايات النواب مصيبة بكل معنى الكلمة. فالنائب هو من يتسلم رواتب حماياته! وكم من تلك الحمايات مجرد اسماء على الورق "فضائية"..
لقد جرى كشف الكثير، خصوصا حالات الهدر الفاضح في الرئاسات ، والتعيينات التي لا حاجة اليها . فيما تنشط الآن سوق تعيين المستشارين، خصوصا من الذين تركوا وزاراتهم او لم تجر اعادة انتخابهم لعضوية مجلس النواب. حتى ان هناك من يقول ان احد نواب رئيس الجمهورية عنده 50 مستشارا!
اخيرا .. لا جدال في ان هذا الاهدار سيتواصل ما لم تتخذ اجراءات ملموسة وبشفافية لوضع حد له. فلا يكفي الحديث المجرد عن محاربة الفساد، في حين تسبح القمة في النعيم وتتمادى في اجراءات غير مبررة، وحتى غير مفهومة.