المنبرالحر

لحظة حقيقة / قيس قاسم العجرش

أزمة الإقتصاد العراقي ونحن على اعتاب سنة جديدة فيها هزّة صعبة لكنها ربما تكون"مطلوبة" من وجه آخر.
مطلوبية هذه الأزمة تتمثل في أنها ألقت ضوءاً غير مسبوق على ما نسميه (ضمير)الموازنة العامة للدولة.
في كل موازنة تقدمها الحكومة ويقرها البرلمان، كانت هناك إضافة لدرجات وظيفية جديدة.
ويرافق هذه الإضافات إقرار إبتدائي بوجود العجز(وهو نقص الاموال المتوقع إيرادها لتسديد المدفوعات المتوقعة) وبالتاكيد فإن من اضاف وجبة جديدة من الوظائف سيتوقع لا محالة أنها في حاجة الى رواتب.
صحيح ان العمل هو(حق)للمواطن على الدولة كما يقول بذلك الدستور، لكنه اشترط ايضاً ان يكون هذا العمل لائقاً وإنسانياً ولا اظن أن من اللياقة أن نعيّن الناس في الوظائف فقط لمجرد منحهم الرواتب بلا عمل.
الإضافة الحقيقية في عملية (خلق)الوظائف،أن تكون منتجة ومحركة للإقتصاد. وظيفة تسحب معها اسباباً اضافية للنمو والإزدهار وليست مجرد اسم في جدول الرواتب.
هل كانت الموازنات السابقة على وعي بهذا الموضوع الحيوي؟.
القراءة الاولى لتلك الموازنات وطريقة تطبيقها تقول ببساطة : لا ...لم يؤخذ هذا الموضوع في الحُسبان.
لم تركز الموازنات السابقة على تنمية الصناعة الداخلية او جلب الإستثمار الذي يوظف مواطنين عراقيين يمكن أن يلجأوا الى هذه الأعمال بدلاً من إنتظار (رحمة الموازنة) في مزيد من الوظائف الحكومية التي لا عمل لها.
زملاء لنا في وزارات مختلفة يؤكدون أن بعض الدوائر الحكومية ليس فيها حتى كراسي لجلوس الموظفين الجدد فضلاً عن أن لا عمل لهم!.
خلق الوظيفة يعني في جوهره خلق فرصة حقيقية للعمل المنتج، العمل الجماعي الذي يستوعب الطاقات ويبدأ في إدارة العجلة الصدئة التي مرضت من كثر الإعتماد على موازنة الدولة الريعية (النفطية) فقط.
إذن، هنا يكون الوعي بخطورة الإعتماد على النفط وحده أمراً ضرورياً وان نسيان الزراعة والصناعة هو أمر يشبه اللعب بالنار ويضع كل مستقبل العراق على كف عفريت ....وهذا العفريت يتغذى من الموازنة للأسف...الموازنة التي لا تتضمن بالأصل فلسفة تفكر في المستقبل .
لحظة الحقيقة بهبوط اسعار النفط ربما تكون مؤلمة لكنها تحمل الإنتباه الى ما هو ضروري توافره من عقلية وتخطيط لدى اقتصاديي الدولة قبل أن تتوافر الأموال اللازمة للموازنة.