المنبرالحر

العداء المستفحل الذي يحمله البعض ضد الشعب الكويتي / مصطفى محمد غريب

سيبقى التاريخ شاهداً حياً على ما قام به النظام العراقي السابق من جرائم منافية لجميع الأديان السماوية والأعراف الإنسانية ضد الشعب العراقي وضد دولة الكويت وشعبها الذين دفعوا ثمناً باهظاً باحتلال البلاد بمبررات واهية وادعاءات باطلة، وهذا ما كان عليه ديدن النظام السابق وسياسته في جميع القضايا الداخلية والخارجية، وبعد إن نهبت البلاد عن بكرة أبيها ولم تسلم لا شجرة ولا بقرة ولا عمارة ولا بيت صغير وأحرقت حقول النفط وهرب عشرات الآلاف من بلادهم تاركين أموالهم وممتلكاتهم للنهب والسرقة وما قامت به قوات النظام من مظالم واعتداءات على الأهالي وبأوامر من النظام فضلاً عن الأسرى والضحايا والمفقودين، كل ذلك وغيرها من جرائم مذكورة ومسجلة يندى لها جبين كل ذو ضمير شريف لكن على ما يبدو أنها في أعين البعض لا أهمية لها وتعتبر طبيعية تحت طائلة من المفاهيم القومية والدينية المتطرفة ، لكن للحقيقة والتاريخ كما يقال وليس دفاعاً عن الحكام الكويتيين أو عن الباطل بل دفاعاً عن الشعب الكويتي فالذي قام به النظام السابق وأجهزته الأمنية وقواته المختلفة التي احتلت الكويت تعتبر من اكبر الجرائم بحق الإنسانية وكان احتلالاً واضحاً لبلدٍ مستقل وعضواً في الجامعة العربية والأمم المتحدة ولا يفرق عن إي احتلال لبلد آخر مع العلم أن النظام البعثي بقيادة صدام حسين هو حفيد ذلك النظام المجرم البعثي العراقي الذي جاء بانقلاب 8 شباط 1963، وقد نتفق مع جميع الخيّرين الذين يدركون الحقائق ولا يحيدون عنها ونقولها بكل صراحة لأمير وحكومة الكويت وغيرهم أن الشعب العراقي بريء كل البرءاة مما ارتكبه ذلك النظام الغاشم ولا يتحمل مسؤولية جرائمه لان سيف القمع والإرهاب كانا مسلطين عليه، ومثلما نال الإرهاب والقمع الشعب الكويتي فان الشعب العراقي اضطهد حوالي 35 سنة وزج في حروب لا ناقة له ولا جمل.
بعد احتلال العراق وسقوط النظام أصبحت قضية التعويضات التي يدفعها العراق والذي بقى تحت طائلة من العقوبات والفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حوالي ( 23 ) عاماً، فمن الدول التي استحقت التعويضات دولة الكويت وهذا ما أقرته الأمم المتحدة والعراق يدفعها منذ البداية وهذا الدفع أصبح أكثر وضوحاً بعد سقوط النظام السابق وتعاقب الحكومات العراقية، وقد ترتب على هذا الموضوع الكثير من القضايا وكتب حوله مئات المقالات والتقارير الصحفية التي حملت أوجه قضية التعويضات والموقف منها ما بين معارض ومؤ يد وحيادي فضلاً عن انتقاد البعض من مواقف حكومة الكويت وتعنتها في البداية فيما يخص الفصل السابع، كما طرحت آراء كثيرة حول الأسرى المفقودين وأم قصر والاتفاق على الحدود وترسيمها، هذه الآراء والملاحظات وحتى الانتقادات استفيد منها من خلال الحوار الذي قام بين الحكومة العراقية وحكومة دولة الكويت وعلى مستويات بما فيها رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزارة الخارجية وغير ها من اللجان فضلاً عن أمير الكويت ورئيس الوزراء ووزارة الخارجية الكويتية وقد استمرت اللقاءات والحوارات فترة زمنية غير قليلة حتى تكلل ذلك بالاتفاق بان العراق سدد أكثرية التعويضات ولم تبق سوى حوالي (11 ) مليار حسبما نشر في تصريحات لوزير الخارجية زيباري والبعض من المسؤولين ووسائل الإعلام وسوف يسددها العراق للكويت، وبهذا سدل الستار على أهم قضية كانت تجابه خروج العراق من الفصل السابع وتحرره بما في ذلك قضايا النفط وغيرها من القضايا التي خضعت للعقوبات من قبل الأمم المتحدة.
هذه النبذة القصيرة تذكرنا بتلك الحقبة التاريخية من الحصار الاقتصادي الدولي وشل طاقات العراق في جميع المجالات، وقد أفرح قرار الخلاص من الفصل السابع وفق القرار(2107) الذي صوت عليه مجلس الأمن أكثرية العراقيين وجعلهم يتتوقون إلى حياة أفضل بما يدره للعراق من تحرير اقتصاده وأمواله ، إلا أن البعض راح يشكك ويتهم بدون أي دليل مادي بما فيها إطلاق الاتهامات على البعض من المسؤولين أو أعضاء اللجان المفاوضة أو اتهامات ببيع أراضي عراقية والتنازل عنها لدولة الكويت فضلاً عن ذلك زاد البعض حول تلقي رشاوى لكي تمرر الكثير من الاتفاقيات ما بين الحكومة العراقية وبين الكويت، وما بين الاتهامات وردود الحكومة فقد ضاعت الحقائق فلا المشككين قدموا أدلة موضوعية حول اتهاماتهم ولا الحكومة قامت بالنفي وتوضيح سير المفاوضات، ومن هذا المنطلق فقد ظل البعض يكرر ويتهم بدون كلل ولا ملل وكأن هناك عداء ما بينه وبين دولة الكويت أو الشعب الكويتي، ففي كل شاردة وواردة نراهم يجندون أقلامهم والسنتهم بدون مراعاة البحث عن الحقائق وتشخيص الصواب من الخطأ بل السير خلف: أما للعواطف التي ترى في ترسيم الحدود عبارة عن استقطاع أراضي عراقية وضمها إلى الكويت أو بهدف الكراهية المنفلتة واعتبار الكويت جزء من العراق ويجب إعادته بأي طريقة وصب الزيت على النار لاستمرار الخلافات وتعميقها مع دولة الكويت، طبعاً البعض اخذ يطلق الحجج على الرغم من مدحه خروج العراق من الفصل السابع لكنه وبطريقة يعتقد أنها ذكية حاول إلقاء اللوم لطول الفترة الزمنية ومن هؤلاء النائبة عن ائتلاف العراقية الحرة عالية نصيف والمتتبع لتصريحات النائبة حول قضية الكويت سوف يجد في تصريحاتها المتكررة وبوتيرة واحدة روح العداء الغريبة لهذه النائبة فأكثرية تصريحاتها واتهاماتها كانت من إحدى الأسباب التي أزمت الأوضاع بدلاً من تسهيلها أما في تصريحها الأخير بعد قرار مجلس الأمن وعلى الرغم من أنها مدحت القرار وخروج العراق لكنها أضافت " أن الخارجية العراقية ولمدة ثماني سنوات أوهمت الحكومة والشعب العراقي بأنه لا سبيل للخروج من البند السابع إلا بتنفيذ مطالب الكويت ، وهذا خطأ تاريخي لا يغتفر تتحمله الوزارة ، فقد كان بإمكانها أن تجري مفاوضات وتكسب المجتمع الدولي إلى جانب العراق دون أية خسائر ودون أن تحقق الكويت أية منفعة على حساب العراق " ولو سألنا حضرة النائبة كيف يمكن ذلك والكويت كانت وما زالت تطالب بالتعويض حتى لو كسب العراق المجتمع الدولي فماذا يقال لها؟ اسكتي عن حقك فالمجتمع الدولي بجانب العراق!! وكيف يكون المجتمع الدولي بجانب العراق وهناك إلزام بدفع التعويضات حتى آخر فلس! ، هذه التصريحات وغيرها كانت من الأسباب التي أزمت العلاقات وحاولت فرض مقولة أن الكويت هي المعتدية على حقوق العراق بعدما كانت البوابة الشرقية التي نهبها النظام السابق، وأخيرا فان تصريح وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي كشف الجانب المظلم من عملية الخروج من الفصل السابع حيث صرح " أن تصريحات عالية نصيف المتشنجة وتصرفات وزير النقل غير المهنية عطلت خروجنا من هذا البند لسنتين " كما أكد بشكل صريح " أن خروج العراق من طائلة البند السابع كان مفترضا له أن يتم قبل سنتين من الآن لافتا إلى أن تصريحات وزير النقل هادي العامري وعضو البرلمان عالية نصيف ساهمت بتأزيم الموقف مع دولة الكويت التي رفضت التعاون مع العراق وإعطاء إشارات للأمم المتحدة لخروجنا من طائلة هذا البند " .. ومع كل ذلك فان الحل الذي تم التوصل إليه لخروج العراق من الفصل السابع عبارة عن نجاح لعملية استكمال السيادة العراقية وجزء مهم للتحكم بواردات البلاد وبالأخص النفط ثم التخلص من الاحتقان والعداء الذي خلفته سياسة النظام السابق تجاه جيرانها ولا سيما دولة الكويت، لقد عانى العراق من النتائج المدمرة لنظام العقوبات الاقتصادية بموجب الفصل السابع والتي ستبقى آثاره حقب طويلة نسبياً على جميع المرافق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واليوم نستطيع القول أن تلك الفترة المظلمة ولت إلى غير رجعة وعلى الحكومة العراقية الحالية أو الحكومات القادمة العمل الجاد للتخلص من الآثار المؤلمة أثناء الحصار الاقتصادي والفصل السابع والتوجه لخدمة مصالح الشعب العراقي من اجل بناء الدولة المدنية التعددية الديمقراطية.