المنبرالحر

2014.... سنة الخسائر والفشل / زين الشاهر

في بداية كل عام تحتفل دول العالم بالسنة الجديدة وتختلف هذه الاحتفالات من بلد لآخر فترى شوارع المدن تعج بالمحتفلين وتزدان السماء بأضواء الألعاب النارية وسط أجواء يعمها السرور والبهجة والأمل بعام أفضل حتى تحولت هذه الاحتفالات إلى مهرجانات ترفيهية يأتي إليها السياح لمشاهدة عروضها والاستمتاع بهذه الفعاليات المفرحة واستغلال هذه الأيام لقضاء أجمل الأوقات.
وكالعادة يحتفل العراقيون بالسنة الجديدة بأنفجارات السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة التي تمزق أجسادهم إلى أشلاء تتطاير في السماء وتسقط على الأرض لتأتي بعدها سيارات الإسعاف وتنقلها إلى ثلاجات الموتى في المستشفيات ، والشوارع ملئى بلافتات مكتوب عليها أسماء الشهداء ومحل إقامة العزاء مع تاريخ يوم من شهر في هذه السنة المر يره ، فبدماء المساكين والفقراء يبدأ العراقيون عامهم الجديد ، بصيحات وأهات الأمهات على أبناءها و بكاء الأطفال الذين فقدوا إبائهم بتفجير انتحاري مغربي أو سعودي الجنسية جاء إلى بلاد الرافدين ليفجر جسده وسط سوق شعبي أو أمام باب الجامعة بعد خروج الطلبة ليقتل الإنسان والعلم معاً
في هذه السنة إحداث كثيرة مرت علينا من أهمها تظاهرات الساحات في محافظة الانبار والموصل وصلاح الدين وانتهاءاً بكركوك وديالى للمطالبة بإطلاق صراح السجينات في سجون الدولة . و فشل الحكومة برئاسة نوري المالكي في احتواء هذه الاعتصامات أدى إلى تطورها فيما بعد إلى المطالبة بإسقاط الحكومة وإطلاق جميع السجناء وحتى الإرهابين منهم ، فتأزم الوضع يوماً بعد يوم وكأن شي خطير قد حدث وان هذه الاعتصامات تختلف عن سابقاتها و لن تمر مرور الكرام . حتى اقترب موعد الانتخابات النيابية في نهاية نيسان ، الحدث الأهم والأبرز في هذه السنة ، حيث كان الجميع يأمل من إن هذه الانتخابات سوف تنهي كل الأزمات التي أنتجتها الحكومة مع اغلب إطراف العملية السياسية . وفي نفس الوقت استغلت حكومة المالكي ورقة المتظاهرين في الساحات والتصدي لهم كدعاية انتخابية بوصف المالكي حامي الشيعة والتشيع مع العلم إن من ألأقطاب الرئيسية في التظاهرات هو من قاتل القاعدة وجعل الانبار أمنه وهو الشيخ أبو ريشه رئيس صحوت الانبار . فشل حكومة المالكي امنيا واقتصاديا ووصولها إلى طريق مسدود بات يشكل خطر على العراق والعراقيين بصوره عامة والخوف من انهيار الوضع أكثر فأكثر ، دعا المرجع الأعلى في النجف الاشرف السيد علي السستاني إلى التغيير في الانتخابات والمقصود بها تغيير المالكي تصريحاً وتلويحاً و أيده في ذلك بقيت المراجع الكبار في النجف لكن جماهير دولة القانون ، الذين يقلدون ويتبعون المرجع السيد علي السستاني في الأمور الدينية والسياسية ويلتزمون بأوامره وينتهوا بنواهيه في كل فتوى أو بيان يصدره . قد تجاهلوا هذه الفتوى وغضو النظر عنها وصوتوا لصالح المالكي . وكانت نتائج الانتخابات مفاجئه لجميع الأطراف المشاركة
بالعملية السياسية ، ليدخل بعدها العراق بأزمة تشكيل الحكومة ومن هو الذي يكون رئيساً لها مع تمسك المالكي بالولاية الثالثة. لكن الحدث الخطير في هذا العام هو سقوط الموصل بيد داعش الإرهابية وانسحاب الجيش العراقي وتركه للمواقع العسكرية مع الأسلحة والآليات التي استولت عليها الدولة الإرهابية (داعش) فيما بعد و احتلال داعش لبقية المحافظات المحيطة بالموصل الواحدة بعد الأخرى، بدد أحلام المالكي بالولاية الثالثة بالاضافه إلى الضغوط الداخلية المتمثلة بالمرجعيات الدينية والإطراف الشيعية والسنية والكردية والتدخل الخارجي الإقليمي والدولي كل هذه العوامل والأسباب وقفت بوجه المالكي ومنعته في ظل ظرف امني خطير ومصيري. حيث قامة داعش بتهجير المسيحيين والايزيدين والتركمان في أي منطقه تقع تحت سيطرتهم وارتكبوا أبشع المجازر بحق جنود قاعدة سبايكر وسجن بادوش ومحاصرة الايزيدين في جبل سنجار وسبي النساء وتهديم اضرحه الأنبياء والمراقد والكنائس ودمروا الآثار وسرقوها وعاثوا في الأرض فساداً وقتلوا أبناء عشائر الانبار لوقوفهم مع الجيش العراقي وامتناعهم من الخضوع لداعش على الرغم من أن شعار داعش جئنا من اجل نصرة أهل السنة والجماعة ، لكن أفعالهم تقول عكس ذ لك . والحدث الأخير في هذه السنة الذي لايقل أهمية عن الإحداث السابقة هو توافق الكتل السياسية و تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حيدر العبادي .
تعتبر هذه السنة سنة الخسائر والفشل في كافة النواحي الأمنية والاقتصادية والثقافية وسوف يكتب التاريخ عنها مثل ماقرأنا عن الغزو المغولي وكيف دمر البلاد وقتل العباد فما أشبه المغول بالدواعش الإرهابيين ، وهولاكو بالخليفة البغدادي . بعد سنوات سوف يقراُ أحفادنا عن غزوة داعش ويذكر العراقيون من سهل لهم ومن اشترك معهم وأيدهم وأن هنالك جهة وحيده وقفت مع الجيش العراقي هم أبناء الحشد الشعبي الإبطال الذين ضحوا بدمائهم من اجل حماية الأرض والعرض والمقدسات وخطو أروع البطولات والانتصارات التي يشهد لها العدو والصديق ، فهم فخر لنا وشرف للأجيال القادمة .