المنبرالحر

التصدي للفساد يبدأ من القمة / محمد عبد الرحمن

اكد رئيس الوزراء في حديث له اثناء زيارته البصرة ، ما سبق ان اشاراليه منذ زمن العديد من الاحزاب الوطنية والديمقراطية ، وجمع غفير من المثقفين والاكاديميين والاعلاميين والمتخصصين ، بل حتى بسطاء الناس ، من ان الفساد لا يقل خطورة عن الارهاب ، مشددا على مواصلة الحملة ضده ، ومحذرا من انها ستصل الى كل من تحوم حوله .شبهات فساد
هذا الادراك جيد وان جاء متاخرا ، بالنظر لما يسببه الفساد من كوارث ومآس للشعب والوطن ، وان ما وصلت اليه اوضاع بلدنا ليس بمعزل عن هذه الآفة الخطيرة التي ابتلينا بها ، ورعاها ونماها المتنفذون في تنسيق للمصالح مع المفسدين والمرتشين .
وطالما يتواصل الاعلان عن ان لا حياة مع الفساد وان اصحابه سيلاحقون حتى عقر دارهم ، فقد يكون مفيدا تكرار ما سبق الحديث عنه ، من ان الفساد اخطبوط غدا مؤسسة متكاملة تغلغلت في مفاصل الدولة ومؤسساتها ، وانه وجد امتداداته الى المجتمع، وحظي لفترة طويلة بالرعاية والدعم ، وفي احسن الاحوال غض النظر، من جانب من بيدهم القرار .على انه جرى في الفترات الماضية التركيز على ما هو « خردة» في الفساد، وتركت القطط السمان والحيتان تصول وتجول في حرية تامة ، بل تسخر مؤسسات الدولة واجهزتها لمساعدتهم في عملية النهب والسلب للمال العام .
ولا بد من التذكير ايضا ، بان الفساد اشكال وانواع ، وهو ليس الرشى فقط على اهمية محاربتها والحد منها. فالفساد متعدد في اشكاله تعدد القائمين عليه والمرتبطين به . وعلى كل المستويات، ومن صور تجليه :
- التعيين على غير اسس الكفاءة والنزاهة والاخلاص
- استخدام النفوذ لتعيين الأقرباء والاهل والمطبلين ووعاظ السلاطين
- التعيين بدون الحاجة الفعلية اليه، واستحداث درجات وظيفية لا ضرورة لها
- التعيين مقابل مبلغ من المال .
- ظاهرة «الفضائيين» .
- اقامة مشاريع وهمية ، او لاحاجة لها ، او ناقصة .
- لي الاذرع ، باشكال متعددة ، للحصول على المقاولات .
- تواطؤ المتنفذين في احالة مشاريع الدولة .
- الغش في العقود والمشاريع .
- اعداد الحمايات غير المبررة
- الرواتب العالية للرئاسات الثلاث والنواب والوزراء ولذوي الدرجات الخاصة
- اعداد المستشارين غير المبررة
- المخصصات غير المبررة
- الايفادات السياحية
- صرف المكافآت بهدف شراء الذمم والولاءات وتكوين البطانات
- الانفاق الباذخ على السيارات والاثاث والولائم .
- توزيع الاراضي بدون مسوغات قانونية واستحقاق فعلي.
- توزيع عقارات الدولة وتخصيص الدور التابعة لها على المريدين
- توزيع العطايا والمكرمات لتكميم الافواه وشراء الاصوات.
ويمكن للمرء ان يضيف انواعا اخرى ، لكن يبقى الفساد الاخطر هو المتمثل في الفساد السياسي ، الذي ترعاه المحاصصة وتحميه وتوفر الاغطية له وكما تفعل الكيانات السياسية المتنفذة .
ان فسادا بهذا الحجم لا يكافح بمجرد الاعلان عنه وابداء التصميم على الحاق الهزيمة به ، ولا شك في أن هذا امر حسن ، ولكنه لا يكفي . فالحاجة ماسة الى تمكين الاجهزة والمؤسسات المعنية بمحاربة الفساد من اداء دورها ، والى اعادة بنائها على اسس سليمة واختيار العناصر المؤهلة لتولي المسؤولية فيها .
والاهم ان محاربة الفساد تحتاج الى اجراءات ملموسة وان تبدأ من القمة، وتتضمن الاطاحة برؤوسه وشخوصه الذين تتسرب اسماؤهم الى الاعلام، وبالرغم من ذلك يبقون في مواقعهم يسرحون ويمرحون .