المنبرالحر

صراع من اجل البقاء / ضياء كريم

هذا العنوان هو في الغالب يطلق في وصف الحياة في الغابات ، حيث الاقوياء من الحيوانات ومن اجل استمرارهم وسيطرتهم على مقدرات الكائنات الاخرى يعملون و يمارسون وبكل ما لديهم من قوه وعقل في التخطيط للقضاء او اضعاف الكائنات الاخرى من اجل بقائهم، والصراع من اجل الحياة او البقاء لا يشمل الحيوان فقط، الانسان عبر التاريخ وفي كل الازمنة كان ولا يزال يصارع من اجل استمراره في البقاء والحياة، صارع الانسان الطبيعة بكل قساوتها قاوم وصارع الكائنات الاخرى وحارب الحيوانات المفترسة في اماكن كثيره من العالم عبر تاريخه من اجل استمراره في الحياة ، وان اقسى انواع الصراعات كان مع اخيه الانسان حيث الغزو والقتل والسبي و الاغتصاب و التهجير منذ وجود البشريه ولازال للاسف الى يومنا هذا .
رغم التقدم الحضاري الذي شهدته البشرية في جميع مجالات الحياة و في كل مكان من العالم في العصر الحديث، والقوانين والتشريعات الانسانية والمؤسسات الدولية والتي تدعو الى احترام حق الانسان بالحياة ، لازال الانسان يمارس انواعا مختلفة من الصراعات من اجل البقاء والحياة على حساب حياة و راحة اخيه الانسان، للأسف لازال البعض يعتاش على تعاسة ومعاناة الاخرين من البشر، التجارة والمال اصبح هو عصب الحياة، العلوم و الثقافة اصبحت تحسب بالمال، والسياسة بدون حسابات تجارية و تأيد ومساندة شركات عملاقة لا تصل بها الى السلطة، حيث ان هذه الشركات اليوم لها اليد الطولى في اختيار الحكومات وخاصة في البلدان المتقدمة في العالم.
في العصر الحديث اصبح الصراع من اجل البقاء يختلف نوعا ما عن السابق، الانسان القوي اليوم في الغالب لا يهاجم ويغتصب ويسلب كما كان يفعل في العصور القديمة، بل يعمل ويخطط بكل ما لديه من علم وامكانيات لجعل الضعيف يبقى ضعيفا ودائما بحاجة له وفي هذه الحالة القوي يضمن البقاء ويزداد قوة، ومن اهم الاسباب التي تجعله قويا هو اضعاف المستهلك، وهناك وسائل كثيره لذلك، ومن اهم هذه الوسائل هو دعم الجهل بكل اشكاله ومساندته وجعله اي الجهل هو صاحب القرار والسلطة في اماكن تواجده، مستفيدا من الخلافات التاريخية بين التيارات المختلفة المتخلفة، والصراعات التي ستحدث بينهما يؤدي في الغالب الى القتال، والذي سيكون بحاجة ماسة الى ما سينتجه الطرف القوي من علوم وتكنلوجيا وعلى رأسها السلاح الذي يوفر ارباح خيالية وبذلك يضمن الطرف القوي البقاء مستفيدا من صراعات المتخلفين.
ان اغلب الشركات العملاقة في العالم اليوم وخاصة تلك التي تنتج الاسلحة بأنواعها والتي تكون ارباحها يفوق كل التوقعات، لا تتهاون من اجل تسويق منتوجاتها الى العمل على ايجاد اسواق لها بشتى الطرق، يجب ان يكون هناك من هو بأمس الحاجه لها ويدفع ما يُطلب منه لكي يحصل على تلك الاسلحة، والمستهلك يجب ان يبقى بعيدا عن العلوم والثقافة لكي لا يصبح يوما منافسا اولا، ويكون كثير النزاعات ثانيا، ويبقى يعتمد على ما يصنعه القوي، انعدام الثقافة والعلوم وعدم الاستقرار السياسي في البلدان المتخلفة والتي تتصف بالتنوع العرقي والديني والمذهبي، هو الهدف الاول لأصحاب هذه الشركات العملاقة، حيث الارض الخصبة للنزاعات.