المنبرالحر

خطاب الوزير بين القول والفعل / طه رشيد

افتتح مهرجان الجواهري الحادي عشر في نهاية العام الماضي بحضور وزير الثقافة الجديد فرياد راوندوزي وكان لحضوره وقع طيب على الأدباء واتحادهم من جهة وعلى مجمل المهرجان من جهة أخرى. .خاصة بعد القطيعة الطويلة بين الوزارة وعموم الوسط الثقافي ، تلك القطيعة التي كانت السمة البارزة في المرحلة السابقة.
وفي كلمته التي القاها في المهرجان بدأ الوزير حديثه بالإشارة إلى أنه ابن هذا الوسط ويعتبر نفسه «الموظف الاول» في وزارة الثقافة ( لاحظ دقة التعبير اذ لم يقل بصفتي وزيرا أو مسؤولا أرأس بل قال الموظف الأول وهو قول فيه الكثير من التواضع ) فانه سيجعل أبواب وزارته مشرعة للموظفين وللمواطنين على حد سواء.. وفعلا تم تحديد كل خميس موعداً للمقابلات، ولو أن تحديد وقت المقابلة بخمس دقائق لا يكفي للعديد من الحالات، لأنها، أقصد الدقائق الخمس، تنتهي بالبسملة وبتحايا المجاملات! لذا انا مع تقليص عدد المقابلات مع زيادة وقت المقابلة إن تطلب الامر.
ثم تحدث راوندوزي عن شح التخصيصات المالية الذي ينعكس سلبا على امكانية دعم النشاطات الثقافية خارج أسوار الوزارة التي لا يقع على عاتقها وحدها المطالبة بزيادة حصة الوزارة من الموازنة المالية المقبلة، بل أيضا مسؤولية الأدباء والمثقفين والفنانين المنضوين تحت خيمة الاتحادات والنقابات أو خارجها، والمطالبين بتنظيم تظاهرات مطلبية من أجل تلك الزيادة والا سيبقى الحال على ما هو عليه بالرغم من المبادرات الإيجابية للوزير الجديد!
أما القضية الأخرى التي طرحها الوزير في كلمته فهو تأكيده على عدم وجود ثقافة من دون الاتحادات والجمعيات الثقافية ،وهي حقيقة ماثلة للعيان، إذا أن خيرة الأدباء والمثقفين هم أبناء تلك التجمعات بما فيهم الوزير نفسه، ولكي نتوخى الصدق بالتطبيق فإن على الوزارة ان تشرك عددا من اعضاء هذه الاتحادات والجمعيات الثقافية في مجلس استشاري يقدم المعونة الحقيقية للوزارة، خارج المحاصصات السياسية والحزبوية الضيقة، كما لابد من مشاركة الادباء والفنانين من خارج الوزارة في الفعاليات الادبية والفنية التي تجري خارج الوطن..وهذا يعني مد جسور جديدة بين الطرفين، من أجل إنهاء حالات الصراع على هذا النشاط أو ذاك ، بغية الوصول الى نتيجة يتمناها الجميع وهي أن كل الجهود المبذولة سواء من الوزارة أو الاتحادات والجمعيات وبقية الأدباء والمثقفين هي من أجل إعلاء شأن الثقافة العراقية التي تشكل مفخرة كبيرة في الوسط العربي والدولي على حد سواء، فأسماء مثل الجواهري والسياب ومظفر النواب وجواد سليم ومنير وجميل بشير وفائق حسن ومصطفى جواد وفاضل ثامر والفريد سمعان وغيرهم مدعاة للفخر بأنهم ينتسبون الى الثقافة العراقية..
نحن نعلم والوزير يعلم والمعنيون يعلمون بأن وزارة الثقافة لا تخلو من الفساد حالها حال معظم الوزارات. وليس بيننا من يمتلك عصا موسى لينظف كل شيء. ولكن رويدا رويدا وقطرة قطرة يتشكل التيار الجارف لبؤر الفساد. ونتمنى، وما أكثر الأماني في عام 2015، أن تكون وزارة الثقافة سباقة في هذا المجال حتى تصبح مضربا للامثال لأن عدة الوزارة هي صفوة القوم من مثقفين وأدباء وفنانين نذروا حياتهم من أجل خدمة شعبهم. واخيرا نتمنى صادقين أن يكون الوزير،كما عهدناه، حذرا من الكرسي والسلطة و (دواليبها)!