المنبرالحر

بين الاخوان ومعارضيهم.. هل هناك افق للحل؟ / انس محمود الشيخ مظهر

يمكن اعتبار دعوة الحكومة الامريكية بشان اطلاق سراح الرئيس المصري المقال محمد مرسي غزلا سياسيا للأحزاب الاسلامية داخل وخارج مصر اكثر من كونها دعوة جادة يراد لها التنفيذ خصوصا وأنها ترافقت مع التقارير التي تشير الى بدء جهات قضائية في مصر بالتحقيق مع مرسي في بعض الدعاوى المرفوعة ضده والمتعلقة بتهمة التخابر مع جهات خارجية , وحركة الاخوان المسلمين مطالبة بعدم اعطاء البيان اكثر من حجمه الحقيقي وعدم الإصرار على اطلاق سراح مرسي خصوصا وان الدعوة هذه اقترنت بتأكيد امريكا على احترامها لخيارات الشعب المصري .
الظروف الداخلية في مصر لا تتحمل من الطرف الاخواني وكما اسلفنا الوقوع في الاخطاء التي تعودوا الوقوع فيها منذ استلامهم للسلطة والى يومنا هذا . فالمغالاة التي يقع فيها الاخوان وتضخيمهم لقوتهم في الشارع وعدم قراءة الواقع بشكل دقيق يجعلان من تكرار الاخطاء لديهم امرا متوقعا. فمهما يكن قوة الشارع الاخواني فالحكمة تقتضي منهم عدم اهمال قوة الشارع المعارض لهم والذي ظهر بالحشود الشعبية الاخيرة ضدهم , فالمبالغة في المطالب وإبقاء سقفها عاليا ليس في صالح المكتسبات السياسية للإخوان والقبول بالأمر الواقع مع حصر مطالبهم في تطمينات امنية وسياسية بعدم تعقب كوادرهم وضمان مشاركتهم المستقبلية في الحياة السياسية في مصر هي من المطالب التي من المفترض ان يركزوا عليها في هذه الفترة.
لذلك فالحلول المتاحة للازمة المصرية يجب ان تتمتع بالواقعية واستقراء الاحداث بشكل جيد من قبل جماعة الاخوان وكذلك من قبل الطرف المعارض لهم . فشد الحبل المتبادل بينهما لن يؤدي الى فتح افاق لحل المشكلة بل سيعقدها اكثر مما هي عليها الان وبما ان الجانب الذي يملك المبادرة الان هو الجانب الاخر المعارض للإخوان فان من مصلحة الاخوان البحث عن حلول جذرية للازمة الحالية في مصر ..وأتصور ان الحل يكمن في النقاط التالية اذا اريد لها حلا جذريا وليس ترقيعيا :-
1- من الممكن المطالبة بإطلاق سراح القيادات الاخوانية ومن ضمنهم محمد مرسي ولكن يجب الكف عن المطالبة برجوعه الى السلطة لان التطورات السياسية قد تعدت هذه المرحلة بوجود الحكومة الانتقالية وأيضا لان الشارع المضاد للإخوان سيرفض هكذا خطوة وهو شارع عريض لن يكون سهلا اغفاله , وهناك سبب اخر وهام جدا وهو ان محمد مرسي فقد هيبة منصب الرئيس بإقالته وحجزه وهذا الامر له تأثيراته الحقيقية .
2- مشاركة الاخوان في الحكومة الانتقالية افضل بكثير من امتناعهم المشاركة فيها لان هذه الفترة من عمر الحكومة الانتقالية هي التي ستدشن لنوع معين من الادارة تبنى عليها الحياة السياسية في مصر لعقود قادمة من الزمن .

3- المجلس العسكري مطالب بإبداء حسن النية وإطلاق سراح قيادي الاخوان ممن لم تثبت عليهم جرائم جنائية وأمنية , كذلك إطلاق الفضائيات التي كانت تتبنى افكارهم لبناء الثقة بينهم وبين المؤسسة العسكرية من جديد .
4- ما شهدناه في السنة الماضية بعد الثورة على نظام حسني مبارك يعطي انطباعا بان التحشدات والتظاهر الشعبي ضد الحكومات اصبح طقسا من طقوس الشارع السياسي المصري وتقليدا جديدا سيلازم الحياة السياسية فيه .. ومن الضروري على الاطراف السياسية المصرية ان تعي ان المواطن في مصر لن يسكت بعد الان طويلا على أي تلكؤ حكومي مهما كان توجهها السياسي ان لم تكن حسب طموح هذا المواطن . وان كان الشارع العلماني هذه المرة قد استطاع الخروج ضد حكومة اخوانية وأسقطها فليس من المستبعد ان يخرج الشارع الاخواني وقوى اخرى عديدة ضد أي حكم مستقبلي لا يعبر عن طموحاتهم . ولأجل حل هذه المعضلة قبل بروزها فان على واضعي الدستور والأطراف السياسية في مصر تضمين نقطتين في الدستور القادم وهما : -
أ‌- ان يكون منصب الرئيس بالصلاحيات الممنوحة اليه بعيدا عن كل أي توجه سياسي سواء كان توجها اسلاميا او علمانيا , أي يجب ان يكون منصب الرئاسة مستقلا غير منتمي لأي حزب او طرف سياسي مصري شانه في ذلك شان الجيش المصري شرط ان لا يفقد النظام العام في مصر مقوماته كونه نظاما رئاسيا .
ب‌- يقتصر منصب الرئاسة على الشخصيات التوكنوقراط ممن يمتلكون الخبرة والسمعة والتاريخ النظيف .
ت‌- يقتصر نشاط الاحزاب المصرية في مشاركتهم في انتخابات برلمانية مع تحديد مهام البرلمان حسب هذا المقتضى كي يقتصر عمل الاحزاب ضمن نطاق العمل من اجل توفير الحياة الكريمة للمواطن المصري لا المزايدة عليه بالشعارات الوطنية فحسب .
5- يحافظ الجيش المصري على استقلاليته الكاملة اقتصاديا وحياديته سياسيا وتضمين هذا في الدستور المصري لعدم العبث بدور هذا الجيش مستقبلا .
6- وضع اليات معينة في الدستور لحماية المؤسسات القضائية من التأثير الفوقي عليه سواء من قبل السلطات التشريعية وحتى التنفيذية وتضمين ذلك في الدستور بوضوح لا لبس فيه .
7- عدم منع الاحزاب التي تعتمد على الافكار الدينية او أي افكار اخرى من المشاركة في الحياة السياسية لتطمينهم من عدم الالتفاف عليهم مستقبلا .