المنبرالحر

الشيوعيون والعمل الجماهيري (3-3) / فلاح علي

استكمالاً لما جاء في الحلقة الثانية والتي نشرت بتاريخ 11-6-2014 ، وتوقف نشرهذه الحلقة الثالثة والاخيرة في حينها بسبب سقوط مدينة الموصل ، والآن اعتقد جاء الوقت لنشرها وارتباطاً بالعوامل الذاتية ، والتي اشرت فيها في الجزء الثاني من المقالة عن دور الحزب السياسي في ميدان العمل الجماهيري . يكون من المفيد هنا طرح السؤال التالي : لماذا أولى الشيوعيون العراقيون اهمية استثنائية في نضالهم للعمل الجماهيري منذ تأسيس حزبهم والى الآن . ارى ان الاجابة على هذا السؤال لا بد من ان ترتكز على المعطيات التالية :
اولآ : ارى ان إيلاء اهمية لتفعيل العمل الجماهيري من قبل الشيوعيين يأتي ليس فقط انطلاقاً من موقف فكري وسياسي واضح ومعلن ، وانما ايضاً لأن ميدان النشاط الجماهيري يمثل ويجسد ارقى اشكال النضال الانساني الشرعي والسلمي لكونه مرتبطا بحاجات الناس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبمطاليبها وحقوقها وحرياتها وتحقيق العيش الكريم لها .
ثانياً : ان ميدان العمل الجماهيري يضم طبقات وفئات اجتماعية واسعة ومتنوعة في المجتمع، تشمل غالبية الشعب ، فأن الدفاع عن مصالحها وتغيير واقعها نحو حياة افضل ، يجسد في الممارسة العملية جوهر وهدف نضال الشيوعيين.
ثالثاً : ان النضال السياسي والمطلبي الاقتصادي والاجتماعي الجماهيري ، هو أداة نضالية وطنية فعاله ، لتعزيز الوحدة الوطنية ، وانهاء الهويات الثانوية الطارئة على المجتمع . كما ان النضال الجماهيري يعزز من النسيج الاجتماعي ويوطد السلم الاهلي، ويسهم في اضعاف الاصطفافات الطائفية وينهي اي مبرر للشحن الطائفي . ويعيد التوازن في المجتمع على اساس مبدأ المواطنة .
رابعاً : ان النضال الجماهيري السلمي يرتبط بالممارسة العملية بسياسة الحزب ، وما مثبت في برنامجه من قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية ...... الخ التي تعبر عن مصالح الشعب والوطن وهي في اولويات اهداف الحزب الآنية ونضاله.
لهذا يحرص الشيوعيون على تطوير آليات النضال على ميدان الجبهة الاجتماعية ، وتفعيل العمل الجماهيري ، وادخال عنصر التنظيم والوعي فيه ، ونشر فكر الحزب الانساني الاشتراكي بين اوسع قطاعات الشعب . وما اكده تأريخ نضال الحزب في هذا الميدان ، هو ان للشيوعيين مفهوم واضح للعمل الجماهيري ، ولديهم خطط تنظيمية على صعيد كل منظمة حزبية تتضمن المجالات والقطاعات الجماهيرية المتنوعة التي ينشطون معها مع وجود مهام سياسية وتنظيمية يجري تطويرها وتجديدها حسب ظروف البلد وأزماته لغرض انجازها تضع مصالح الجماهير والوطن فوق اي اعتبار . كما تتضمن الخطط التنظيمية لميدان العمل الجماهيري تقييم النشاطات واستخلاص الدروس منها وتقييم الاعضاء وادائهم والناشطين فيها . وما اكدته التجربة ان هذا الشكل النضالي يعتبر من اعقد النشاطات واصعبها لأنه له علاقة غير مباشرة بالعديد من العوامل والمؤثرات ( اي العوامل الموضوعية والذاتية ) اضافة الى ان الجماهير تضم فئات وطبقات اجتماعية واسعة فهي في الغالب توجد فيما بينها تباينات في المواقف والمصالح وتباين ايضاً في درجة الوعي والتماسك والتضامن . كما ان هنالك قوى من الاسلام السياسي لها مصالح فئوية ذاتية مصالحها لا تلتقي مع مصالح الجماهير ، لكنها نجدها تتصارع مع القوى الحقيقية المدافعة على مصالح الجماهير ، وذلك لأجل سيطرتها على مفاصل العمل الجماهيري رغم انها لا تؤمن بالعمل الجماهيري ولكن توظفه لأغراض سياسية ولغرض حرف وجهة العمل الجماهيري بالاتجاهات التي تخدم مصالحها وتوجهاتها. ( على سبيل المثال التدخل المباشر بانتخابات الاتحاد العام لعمال العراق الاخيرة ، ونفس هذه القوى هي من جمدت اموال الاتحاد العام لنقابات العمال منذ عدة سنوات ) لهذا نجد ان ميدان النضال الجماهيري صعب ومعقد ، فأن استنهاضه وتفعيلة هي مهمة كل قوى اليسار والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والمثقفون .
ملاحظة : في الحلقة الاولى من المقالة تمت الاشارة لبعض العوامل الموضوعية . وعلى صعيد الشأن السياسي العراقي ، ومن خلال المعاينة الواقعية والتاريخية على الارض ارتباطاً بالمواقف العملية من تجذير العمل الجماهيري في المجتمع نجد ان الحزب الشيوعي العراقي هو الاكثر تجربة وقدرة من غيره من الاحزاب في هذا الميدان ، رغم التراجع الذي حصل في هذا النشاط في فترات تاريخية لأسباب معروفة . واذا كان من مثال حي بهذا الخصوص يتطلب ذكره في المرحلة الحالية لدور الشيوعيين في ميدان العمل الجماهيري يمكن ذكر الأمثلة التالية :
1- منذ حوالي شهرين والى الآن تتواصل في بغداد وبعض محافظات الوسط والجنوب تحركات جماهيرية عمالية واسعة من منتسبي وزارة الصناعة المشمولين بالتمويل الذاتي احتجاجاً على مصادرة حقوقهم من قبل وزارة الصناعة . في هذا الحراك الجماهيري لوحظ ان كل منظمات الحزب واعلامه ، اعطوا أولوية لهذا الحراك الجماهيري المتعلق بقطاعات عمالية . مما افرح الجماهير المحتجة على انتهاك حقوقها ومعهم قطاعات واسعة من الشعب عندما أيقنوا ان الشيوعيين و قوى ديمقراطية ويسارية واتحاد نقابات العمال ومنظمات مجتمع مدني معهم في نضالهم هذا وان العمال والموظفين الشيوعيين مشاركون نشيطون في هذا التحرك الجماهيري ، وقد اسهموا في بلورة مطاليب المحتجين وقدموها للبرلمان ولمجلس الوزراء لرفع الحيف عن المحتجين العاملين في وزارة الصناعة ، وتعهد الشيوعيون واتحاد نقابات العمال بمتابعة مطاليبهم والعمل على تحقيقها ، بلا شك سبقت هذا التحرك الجماهيري بفترة غير قليلةاحتجاجات لعمال النسيج ، كما سبق ذلك بسنوات احتجاجات جماهيرية على قلة الخدمات منها نقص الكهرباء وحول الدعوات لألغاء البطاقة التموينية ....... الخ من التحركات الجماهيري التي جرت وتجري اليوم في البلاد . نجد ان الشيوعيين وجماهيرهم وبعض قوى اليسار والديمقراطية لهم دور كبير في المساهمة فيها وتوجيهها الوجهة الصحيحة هذه الممارسة العملية المنطلقة من موقف فكري وسياسي ، اسهمت في استعادة وتعزيز ثقة الجماهير بالشيوعيين.
2- كما شهدت البلاد خلال النصف الثاني من عام 2014 احداث خطيرة منها سقوط مدينة الموصل في يوم 10-6- 2014 وتقدم التنظيم الارهابي داعش على عدد من المحافظات وقام باحتلالها واستباحتها ونزح آلاف الكورد و المسيحيين والازيديين والتركمان والشبك والعرب من المناطق التي احتلها تنظيم داعش ، ومرت البلاد بكارثة وطنية كبرى نتيجة هذا الانهيار المفاجئ والهزيمة غير المبررة امام تنظيم ارهابي بسبب سوء الادارة وغياب الكفاءة وتفشي الفساد الذي انتجه نظام المحاصصة الطائفية ، هنا اني اتحدث على صعيد امكانيات احزاب خارج السلطة كالحزب الشيوعي العراقي ودورها في هذه الاحداث الخطيرة على الوطن والشعب، حيث نهض الشيوعيون بدورهم الوطني المشهود له وقاموا باعمال جماهيرية كبيرة وجبارة ، الا انها لم تبرز بسبب الحصار الاعلامي المفروض على الحزب . والمعروف عن الشيوعيين انهم قدموا تضحيات جسام من اجل مصالح الشعب والوطن ، ولكني اشير الى هذه الامثلة ارتباطاً بعنوان المقالة الشيوعيون والعمل الجماهيري أنطلاقاً من اهمية تفعيل العمل الجماهيري كسلاح فعال بيد الجماهير لتحقيق مطاليبها وضمان حقوقها وهو سلاح سلمي شرعي دستوري وطني . لنرى بعض من هذه الاعمال الجماهيرية التي قام بها الحزب خلال هذه الفترة من هجوم داعش الخطيرة على مصالح الشعب والوطن.
اولاً : طلب الحزب من رفاقه واصدقائه في المناطق التي سيطرت عليها داعش حمل السلاح لحماية الجماهير والنازحين من بطش داعش ولمقاتلتلها ، فتشكل في دشت الموصل في المناطق الازيدية والمسيحية عدد من المجاميع الصغيرة ليسهل تنقلها وقامت بهذه المهام ، كما تشكلت في مجمعي بحزاني وبعشيقة مفرزة عسكرية.
ثانياً :قامت منظمة الحزب في القوش بمهمة شاقة يفتخر بها كل عراقي حيث أخذت على عاتقها حماية الناحية من السقوط بيد داعش بعد انسحاب فصائل البيشمركًه الاخرى منها ، وحافظت على ممتلكات اهل المدينة التي انسحبت العديد من العوائل منها ، وهذا مما شجع الكثير من الجماهير من ابناء القوش الذين لم يغادروا المدينة ، ومن القرى القريبة من القوش مثل بوزان وبدرية وبعض القرى الازيدية والمسيحية القريبة الى القوش . من رفع معنوياتهم وانضمام الشباب منهم في مجاميع مع الشيوعيين لحماية الناحية من السقوط والدفاع عن قراها التي لم تصلها داعش . وهذا الموقف المشهود به للشيوعيين ، رغم ان الملاحظ كان تحركا عسكريا الا انه ذو محتوى سياسي فكري اجتماعي متعلق بمصالح الناس والوطن . انها وقفة عملية شجاعة تجسد مواقفهم الوطنية المشرقة الاصيلة ، كما عززت من ثقة الناس بهم واينما كانوا في المناطق التي تعرضت لهجوم او خطر داعش ، واول الناس التي عادت الى قراها والتي تركتها بسبب خطر داعش هو في مدينة القوش والقرى القريبة منها لقناعتهم وثقتهم بشباب الحزب الشيوعي التي حملت السلاح ودافعت عن المدينة وعن ممتلكاتهم ووفرت الامن والامان لهم ، بلا شك الجهد العسكري اللاحق لقوات البيشمركًه اسهم ايضاً في رفع المعنويات.
ثالثاً : شكل العديد من منظمات الحزب مجاميع من الرفاق واناطت لهم مهمة زيارة تجمعات النازحين وتقديم المساعدات العينية لهم . واطلق الحزب حملة لجمع التبرعات للنازحين من خلال منظمة الانصار الشيوعيين وتم جمع مبالغ طائلة من رفاقه واصدقائه وقامت فرق شبابية من الانصار الشيوعيين بتقديم هذه المساعدات المالية للنازحين واعتقد تركزت في مناطق الموصل ودهوك . كما تم تقديم الادوية والعلاجات الطبية للنازحين من خلال زيارات المستوصف الجوال للحزب ، هذا اضافة الى الدور الكبير الذي قام به الحزب الشيوعي الكوردستاني ومنظماته في المجال العسكري وفي مجال التعبأة السياسية والفكرية ضد خطر داعش ومواجهتها ، وفي مجال الزيارات للمناطق المحاصرة ولمخيمات اللجوء من ابناء شعبنا الذين تركوا مناطقهم بسبب خطر داعش واحتلالها من قبلهم وتقديم المساعدات لهم
رابعاً : هنالك اعداد كبيرة من رفاق الحزب واصدقائه من الشباب تطوعوا في الحشد الشعبي الوطني لمقاتلة داعش.
ملاحظة : قد يفهم مما ذكر على صعيد مواجهة داعش ليس له علاقة بالنشاط الجماهيري الميداني ولكن من حيث الواقع انه نشاط سياسي ذات محتوى فكري واجتماعي جماهيري اتخذ هذا النشاط السياسي شكل نضالي عسكري مسلح لمواجهة خطر يواجه الشعب والوطن وهو في محتواه جماهيري اضافة الى جهد الاجهزة العسكرية والامنية وقوات البيشمركًه والحشد الشعبي.
مزاج الجماهير -2
يعتبر مزاج الجماهير من العوامل الذاتية التي تلعب دوراً ايجابياً في المشاركة الواسعة والفعالة لقطاعات واسعة من الشعب في النشاطات والمعارك الجماهيرية . ان تصاعد المزاج الجماهيري في المشاركة الفعلية يعتبر مؤشرا لفاعلية وتأثير مجمل العوامل الذاتية . ويلاحظ ان هبوط او تصاعد المزاج الجماهيري يخضع لعدد من العوامل والمؤثرات الموضوعية ايضاً ،التي بدورها تفرض تغيرات و تقلبات سريعة ومتتالية على مزاج الجماهير من خلال تغيير الظروف والحالات ، وارتباطاً بالعوامل الذاتية نجد ان التأثير السياسي والجماهيري للحزب وكل القوى والمنظمات التي تتبنى قضايا الجماهير ، والتاكتيكات الصحيحة والمناسبة في الوقت المناسب تلعب دوراً فاعلاً في التأثير على تنامي المزاج الجماهيري
3- القيادات الميدانية
ان اهم حلقة في ميدان العمل الجماهيري والتي تدخل ضمن العوامل الذاتية هم النشطاء في هذا الميدان الحيوي الهام وما يطلق عليهم بالقيادات الميدانية فهذه القيادات تتحمل اصعب واعقد مهمة نضالية لأنها تعمل في اصعب واعقد اشكال النشاط، و يمكن تشبيه هذا النشاط بالحروب السياسية والطبقية في ظرف او مرحلة تأريخية ما . لذا فأن هؤلاء النشطاء لا بد ان يكونوا متسلحين بالعديد من المستلزمات ،وما يطلق عليها بالسمات او المميزات
اذن من اهم سمات هذه القيادات
أولاً : هو ان تشعر الجماهير ان هذه القيادات التي تعيش معها هي قياداتها الصادقة المعروفة من قبلها المدافعة عن مصالحها وحقوقها وحاجاتها وحرياتها ، وان هؤلاء النشطاء لا بد من ان يكونوا قادرين على فهم مشاكل الجماهير . لغرض بلورتها الى فعل مطلبي
ثانياً : ان هؤلاء النشطاء التي تتطلب المهمة الصعبة المناطة بهم ان يكونوا قبل غيرهم يعرفون الحقيقة ويعرفون سبب الفساد والخراب واضطهاد الجماهير واستغلالها وحرمانها من حقوقها وحرياتها لذا هم من ينقل الحقيقة للجماهير وطرحها بلغة سياسية سهله تفهمها الجماهير
ثالثاً : ان كان فن الخطابة كسلاح ضروري يكون من المفيد ان يمتلكه الناشط في ميدان العمل الجماهيري فلا بد ان يرافق ذلك وجود امكانيات ثقافية وفكرية لأن مثل هؤلاء النشطاء هم من يقودون الجماهير نحو التغيير الديمقراطي وتحقيق العيش الكريم والحياة الحرة بلا شك لا بد وان يتمتعوا بمعنويات عالية ويمتلكوا المبادرة وان تكون لهم ثقة بالتغيير وبالمستقبل . وواثقون بقدراتهم ومهمتهم الصعبة وبهذا فأن مثل هؤلاء النشطاء التي ستثق بهم الجماهير بلا شك انهم لا يعرفوا الانكسار والاحباط او لا يهزهم مهرج او جاهل او انتهازي مصلحي
رابعاً : ان هؤلاء النشطاء الصادقين لا بد من ان يتمتعوا بالاخلاق العالية ويكون من المفيد لو تمكنوا من فهم واجادة ممارسة الحرب النفسية ارتباطاً بتعقد المهمة النضالية وشراسة القوى المعادية لمصالح الجماهير
خامساً : بحكم مهمتهم الصعبة فلا بد ان يكونوا موضوعيين في تقييم الامور وفي طرح الحقائق وبعيديين عن الافتراء ويلجؤون الى تحكيم العقل والحكمة دائماً . وان كانت البراعة في فن التحريض مطلوبة فان سرعة البديهة لا بد ان تكون مرافقة في سلوكهم بالشكل الذي تمكنهم من القدرة على تعرية الفساد وتعبأة الناس وفي الاجابة السريعة على التساؤلات.
اخيراً ان هكذا قيادات ميدانية ومحرضين سياسيين ليس فقط انهم يزرعون الامل بين الجماهير وانما يحصدون نتائج عملهم في اختصار المسافات على الجماهير في تحقيق مطاليبها والمساهمة من خلال الفعل الجماهيري في احداث التوازن في المجتمع واحداث التغيير الديمقراطي لصالح الشعب
الاستنتاجات :
اولاً : ارتباطاً بالعامل الذاتي ومع افتراض ان الحزب هو احد العوامل الذاتية في تفعيل ميدان الجبهة الاجتماعية واستنهاض النشاطات الجماهيرية ،لهذا تقع على عاتق الحزب في هذه الحالة مهمة صعبة : تكمن في ضخ قيادات ميدانية شابه للعمل في هذا الحقل الجماهيري الهام . وبهذا الصدد ما اكدته تجربة الحزب الشيوعي العراقي انه كلما ارتفعت عضوية الحزب من الجيل الثالث جيل الشباب كلما زاد تأثير الحزب السياسي والاجتماعي والثقافي والجماهيري في البلاد ويتسع نفوذه وقاعدته اي ارى ان العلاقة طردية بين الجيل الثالث وزيادته ونمو النشاطات واتساعها ، كما ان الجيل الثالث يقصر المسافات ما بين وضع الخطط والبرامج وتنفيذها من خلال تحويلها الى واقع ملموس في الممارسة، وبهذا فان الجيل الثالث يوفر امكانيات ليس فقط في تنفيذ البرامج والدفاع عن مطاليب الجماهير وتحقيقها وانما في المساهمة في احداث التغيير المطلوب.
ثانياً : وبهذا الصدد عن دور العامل الذاتي ارى ان اهم سمة او مؤشر لفاعلية وحيوية الحزب وتأثيره في الحياة السياسية والاجتماعية الجماهيرية في البلاد تكمن ليس فقط في صنع قيادات ميدانية جماهيرية شابه وتفعيل النشاط الجماهيري ، وانما في النتاج الفكري لأن النتاج الفكري هو اهم وظيفة للحزب وفي ضخ هذا النتاج الفكري الاشتراكي الانساني الديمقراطي والقدرة في ايصاله للجماهير لفهمه ولمعرفة طبيعة المرحلة وتعقيداتها . ثالثاً : ارى ان الظرف السياسي الذي تمر به البلد الآن رغم خطورته من حيث ازماته وفي هجوم داعش ، الا انه يهيئ أرضية ملائمة لأستنهاض النضال الجماهيري ، حيث يلاحظ الآن تبلور وعي لدى غالبية قطاعات المجتمع يتجسد في التالي : في اقتناع الغالبية من الناس بخطر الاصطفافات الطائفية والشحن الطائفي ، وقد ادركت هذه الغالبية من الناس ان الطائفية السياسية وقواها السياسية هي وراء أزمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية واسباب غياب الخدمات وغياب الحقوق . وان خلافاتهم وتصارعهم على المصالح الذاتية اسهمت في تهيئة الأرضية لسقوط الموصل بيد داعش وتقدمها لمدن اخرى اضافة لأسباب اخرى . كما يلاحظ ان القوى المتشددة لحد التطرف من الاسلام السياسي والمعادية للديمقراطية ، والتي كانت قابضة بيد من حديد على السلطة السياسية بفعل قانون انتخابات لا ديمقراطي . والتي اسهمت عن قصد في عرقلة نمو النشاطات الجماهيري هي الآن في وضع لا يحسد عليه ، ان هذا الوضع الجديد يشكل اليوم عاملا مساعدا على طريق تفعيل النشاطات الجماهيرية . وبكل ثقة يحق لي القول ان الحزب الشيوعي العراقي لديه امكانيات تؤهله لأن يلعب مع القوى الاخرى دور فاعل في ميدان جبهة النضال الاجتماعي والسياسي الجماهيري
رابعاً : كما تؤكده الحقائق التاريخية ايضاً ان من اهم المهام لتهيئة مستلزمات تفعيل العمل الجماهيري ، هو التنسيق والتعاون والعمل المشترك على صعيد الجبهة الاجتماعية بين الحزب الشيوعي العراقي وكل قوى اليسار والديمقراطية في البلاد ومعهم منظمات المجتمع المدني واتحاد نقابات العمال . خامساً : بلا شك ان تفعيل ميدان النشاطات الجماهيرية يحتاج الى وسائل اعلام جماهيرية والى امكانيات مالية والى تطوير آليات العمل ، وتطوير التاكتيكات بما فيها التحالفات وتوسعها باتجاه قوى اليسار والديمقراطية.