المنبرالحر

أنهم إيزيديون/ زهير كاظم عبود

مضت شهور وانتم مشردون دون ان يلتفت اليكم الوطن، ولا أهل هذا الوطن من الشركاء، جياع وعراة ومحشورين في خيام خارج المدن ، مطلوب منكم ان تعيشوا بمبلغ مليون دينار أن حصل عليه احدكم طيلة فترة أقامتكم التي لانعرف حدودها وزمانها، دون عمل لا تعرفون كيف تقضون أيامكم ، فيالخسة الزمن ودناءة الظروف .
كنتم ذبيحة الأعلام ، والاستعراض اليومي للمنظمات ، وتوزعتم في مخيمات مشردين ومتوزعين في اماكن متباعدة ، لم يتعرف العالم على معاناتكم وارواحكم التائهة، وانتم تجلسون في الصقيع خارج خيامكم دون عمل بانتظار بارقة أمل تعيد لكم أمل في الحياة ، وتحلمون بأن تعودوا الى بيوتكم ، بانتظار حفنة قمح مطحونة أو كف من حبات زيتون لم تزل باقية ، لكنكم اليوم تتدثرون بأسمال المتبرعين بعد أن سرق الأخوة ثيابكم ، وكتب عليكم الذل والهوان وأن تتحملوا ما لا يتحمله الجبل ، وان يموت اطفالكم بردا وجزعا ، وحين لا يتحرك ضمير العالم الحر فما الذي يحرك ضمير الحكام اليوم في العراق ؟
ستعقد المؤتمرات ، وستقام تجمعات ، وستقدم الدراسات ، وستنشر البوسترات ، وستتعاطف معكم شخصيات ، وسنصرخ عاليا حتى تصل اصواتنا الى السماء ، يارب الكائنات أنهم اولادك فيهم من تم ذبحه نحرا ، وفيهم من مات جوعا وعطشا ، وفيهم من مات جزعا وانتحارا ، وفيهم من سيموت بأذنك يارب العالمين .
أنهم أيزيديون يعيشون في الزمن الغادر ، وأنهم ايزيديون يعبدونك دون سواك في الزمن الصعب، ويؤمنون بأنك تحيي الموتى ، ولكن عذابهم فاق ما تتحمله الصخور ، فهل من هدنة لهم في حياتهم بعد هذه الفرمانات التي اكلت اعمارهم وطحنت شبابهم ودمرت ايامهم ، وهم يعيشون بين اخوة اعداء شرقا او غربا يمينا أو شمالا ، فلا يجدون غير الغدر والخيانة .
هم ايزيديون وقلوبهم مشتتة ، والفرقة تنخر ارواحهم ، ولم يتحرك ضمير بعض اولادهم ومن يملك منهم مالا وجاها ، ولم يزلوا بانتظار ما ترسمه الدول وما يخطط لهم اللاعبون ، فهم مجرد أوراق قمار ، وداعش محركها وجوكرها .
هم ايزيديون لم تتحرك لهم الأمم المتحدة، ولا تناخت لهم المنظمات الدولية مثل غيرهم، ولم يزلوا بانتظار ما تجود به ايادي المحسنين ، فليس لهم حصة في هذا الوطن ، ولم يزلوا يعانون من نقص في مواطنتهم ، فهم مواطنون لكنهم من أبناء الدرجة الثانية ، ولم يصدقوا ما تقوله لهم الحكومات والبيانات .
ستمضي الأيام دون أن يلتفت أحد الى محنتهم ومعاناتهم، فقد كتب عليهم أن يكونوا مشردين ومرعوبين حتى وأن عادوا الى بيوتهم ، فقد كانوا متهمين دون اتهام ، وعليهم ان يصمتوا على مصيبتهم صونا للعرض وحقنا للدماء ، وأن لا ينفعلوا ولا ينفلتوا فدماؤهم رخيصة ، وان يتقبلوا ما وقع عليهم من جرائم ومصائب بروح رياضية ، وهم يفتقدون هذه الروح وماعاد لهم في الصبر قدرة على التحمل .
لن نناشد ضمير العالم ، ولا ضمير المسؤولين في العراق ، ولافي الإقليم ، إنما نتوجه بالمناشدة الى الأيزيديين انفسهم، حتى تكون هناك صحوة حقيقية ، وأن تتسامى النفوس ، وتتكاتف الجهود، وتتوحد الكلمة ، فأعدائكم متوحدين ، وليس لكم والله الا وحدتكم ونسيان اختلافاتكم، ولن تقوم لكم قائمة بعد اليوم إذا لم تلتفتوا الى ماضيكم وحاضركم، حتى يمكن ان تشاهدوا معالم المستقبل من خلال هذا، ستنتصرون بالمحبة ، وستنتصرون بالوحدة ، وستنتصرون بالموقف الشجاع ، فللمحنة ايضا ايجابياتها مثل سلبياتها ، فلتكن المحنة سببا للموقف الأيزيدي الشجاع والموحد ، ولننتظر فأنا منتظرون.