المنبرالحر

حيّة ودرج/ ابراهيم الخياط

سنغافورة، تقع في جنوب شرقي آسيا، وتعدّ رابع أهم مركز مالي في العالم، ويحتل جوازها المركز الـ6 عالميا لأن حامله يتمكن من دخول 167 دولة دون فيزا، وشعبها بملايينه الخمسة هو خليط وفير من المهاجرين. وتعدّ البوذية من أكبر دياناتها، أما لغتها الرئيسة فهي الانكليزية مع اللغة الأم - المالاي.
اتخذتها شركة الهند الشرقية البريطانية ميناء أولا لها في جنوب آسيا عام 1876، وخضعت للاستعمار البريطاني حتى حصلت على الحكم الذاتي ضمن الكومنولث عام 1959 ثم اتحدت مع ماليزيا لتنفصل عام 1965 وتصبح العضو الـ 117 في الأمم المتحدة.
ورغم أن العقوبات فيها تشمل الضرب بالعصا على جرائم مثل الاغتصاب والعنف والشغب وتعاطي المخدرات وتخريب الممتلكات وبعض جرائم الهجرة، لكنها تصنف واحدة من الدول الأقل فسادا في العالم، من قبل منظمة الشفافية الدولية.
من رجالاتها السياسيين، لي كوان يو، المولود سنة 1923، والذي أشرف على استقلال سنغافورة، وحولها من مستعمرة متخلفة تفتقد البنى التحتية، إلى واحدة من أسرع الإقتصادات نموا في العالم وأحد النمور الآسيوية الأربعة الكبيرة.
تلقى تعليمه الجامعي في جامعة كامبرج البريطانية وحصل على شهادة القانون. عاد إلى بلده وعمل محاميا. في منتصف الخمسينات أسس حزبا اشتراكيا وانتخب أمينا عاما له، وفاز حزبه في انتخابات عام 1959 وعُين رئيسا للوزراء وعمره 35 سنة، وظل في منصبه مدة 25 عاما، كانت خلالها سياسة البلاد هي عدم الانحياز الشبيهة بسياسة سويسرا، فيما جهوده كلها انصبت على الأمن الوطني والاقتصاد.
في عام 1990 ترك لي كوان منصبي رئاسة الوزراء وأمانة الحزب، ليعيّن مستشارا حتى اعتزاله الحكومي عام 2011، بعد أن جعل معدل دخل الفرد السنغافوري 50 ألف دولار سنويا، وهو من أعلى المعدلات في العالم مقارنة بـ 400 دولار سنويا كان عليه عام 1960. ونظرا لقدراته الفذة، قال عنه الرئيس الأمريكي نيكسون: «من المفارقة أن زعيما بمثل إمكانياته الكبيرة يصبح رئيس بلد صغير مثل سنغافورة». حاول تعميم تجربته، فألقى محاضرة في منتدى جدة الاقتصادي عام 2009 بعنوان: «لو كنت سعوديا.. ماذا سأفعل؟».
كان نظيف اليد، ولم تعرف عنه أية فضائح جنسية، وهذا رغم نفوذه الواسع وكونه حكم منذ نهاية الخمسينات. وذلك ما ذكرني بنموذجنا المشرق الزعيم عبد الكريم قاسم. أما قراره باعتماد اللغة الانكليزية كلغة أساسية في المدارس، فذكرني بقرار قادة حركة مايس 1941 عندنا، الذين ألغوا اللغة الانكليزية من امتحان البكالوريا في تلك السنة.
وقبل أسبوع، حين جاء في الأخبار أن محكمة جنايات الرصافة حكمت بالسجن عشر سنوات على شرطي، لأنه تسلم رشوة مقابل تسهيل تسليم سيارة محجوزة في مركز شرطة باب الشيخ، تذكرت الزعيم السنغافوري «لي كوان يو» لأنه ـ مرّة ـ قال: إن تنظيف الفساد مثل تنظيف الدرج، يبدأ من الأعلى نزولا إلى الأسفل.