المنبرالحر

أموال العراقيين المهدورة / محمد شريف أبو ميسم

يبدو ان قضية استهتار النظام السابق بمقدرات الشعب العراقي المبتلى بالنفط والحرب ستبقى مادة اعلامية جاهزة للقطاف على مدار سنوات.. فالاعلام الذي ما زال يتذوق طعم فضيحة كوبونات النفط كلما بحث عن لقمة اعلامية، ألف سهولة البحث عن فضائح أخرى في ملفات أخرى.. الا انه لم يألف مذاق ملف الفساد المتعلق ببرنامج النفط مقابل الغذاء.. ويبدو ان هذا الملف له مذاق مختلف لأن العراقيين لا يملكون أوراق هذا الملف وليس لهم علم بأولياته التي يثيرها الاعلام العالمي بين الحين والآخر، اذ يبقون متلقين للخبر وحسب، فيما الدبلوماسية العراقية لا تظهر اهتماما بهذا الملف ، وكأنها غير معنية بالأمر، بينما هي حريصة على سداد الديون والتعويضات الى الدول والشركات الدائنة!.
ومثلما ألغيت وذوت عموم القضايا والتهم المتعلقة ببرنامج «النفط مقابل الغذاء» الذي تم العمل به في العراق بين عامي 1996 و2003 ،الغى القضاء الفرنسي مؤخرا جميع التهم الموجهة إلى شركة «توتال» بالفساد خلال مشاركتها في برنامج «النفط مقابل الغذاء» في العراق، باعتبار أنها غير متورطة في أي فساد مرتبط باستخدام أصول البرنامج الذي بلغت قيمتها 64 مليار دولار.
المحكمة الفرنسية برأت شركة «توتال»، ورئيسها التنفيذي كريستوف دو مارجري ووزير الداخلية الفرنسي السابق شارل باسكوا وأكثر من عشرة مدراء سابقين ودبلوماسيين متقاعدين من اتهامات بالكسب غير المشروع في سياق نشاط الشركة في العراق آنذاك.. وانتهت قضية فساد توتل في برنامج النفط مقابل الغذاء، مثلما تم طي ملف الأمم المتحدة الذي تورطت به أسماء وشركات معروفة آنذاك في سياق الموضوع ذاته ، الملف الذي كلف به رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي آنذاك بول فولكر لاجراء تحقيق أممي، تحدث عن ضلوع 2200 شركة بالبرنامج في دفع رشاوى قيمتها 1.8 مليارات دولار للحصول على صفقات .
برلمانيون عراقيون تحدثوا عن فساد في هذا البرنامج يقدر بحوالي 18 مليار دولار متهمين واشنطن وحلفاءها بالوقوف وراء عمليات الفساد الكبيرة التي شابت هذا الملف من خلال شركاتها التي كانت تدير ملف النفط مقابل الغذاء والدواء، على اعتبار ان العمل بهذا البرنامج كان والعراق تحت طائلة البند السابع ما تسبب باهدار اموالا طائلة, لم يعرف مصيرها لغاية الان, بمباركة صمت دولي.ان هذه الأموال المهدورة في نطاق برنامج النفط مقابل الغذاء، وغيرها التي نهبت وتم تهريبها قبل وبعد مجييء الاحتلال من قبل أعوان النظام السابق وبعض الفاسدين ممن تصدروا المسؤولية في المؤسسات العراقية هي حق لهذا الشعب المظلوم ومن واجب الدبلوماسية العراقية فتح هذه الملفات لاستعادة الحقوق بعد خروج العراق من طائلة البند السابع، فالأموال التي أضحت عقارات وعمارات واستثمارات في دول الخليج وعمان والقاهرة وفي قبرص واليونان وغيرها من المدن العالمية لأسماء عرفت بعدائها للشعب العراقي وتمويلها للارهاب لا يمكن السكوت على ضياعها.
والسؤال هنا : الى متى ستبقى الدبلوماسية العراقية صامتة أمام هذا الملف؟.. ألم يحن الوقت بعد لتكليف محامين عراقيين بمتابعة مصير هذه الأموال؟ا