المنبرالحر

نوع من العلاقة / قيس قاسم العجرش

الحكومة تقول إن أي عملية إنزال للأسلحة من طرف القوات الأميركية لصالح داعش لم تحدث، وما الأخبار التي تحدثت عن ذلك إلا كذب بائن. وكرر وزير الخارجية هذا التفنيد بصراحة وبشكل مباشر أمام وزير الخارجية الإيراني.
بينما أكدت مصادر معروفة في مجلس النواب والحشد الشعبي ومصادر محلية مسؤولة في ديالى العكس من ذلك تماماَ، واتهمت الطائرات الأميركية بتعمد دعم عصابات داعش في ميادين محددة.
كل من الطرفين يعرف تصريحات الطرف الآخر ويعلم بها لأنها علنية وواضحة، وكلا المصدرين يعرفان تماماً أنهما ينطقان من أجل نفي الآخر. وبالرغم من هذا، لم يحدث أي حسم للموضوع ومازالت الأخبار تتواتر عن تقديم الدعم الاميركي المزعوم بينما تواصل الحكومة نفيها ثبوت الواقعة جملة وتفصيلاً.
هذا التناقض الذي يتحلل من تبعاته الطرفان إنما يتضمن كماً كبيراً من الإستخفاف بمسؤولية ربما تكون غائبة عن المعنيين.. أعني بها مسؤولية أن يعلم الناس الحقائق والحرص على أن تصلهم الحقيقة فقط، ما استطاعوا اليها سبيلاً.
كلا الطرفين يدّعي أن لا علاقة له بما يقول الآخر، وهو غير مسؤول عمّا يقوله الآخر.
هذا صحيح، باستثناء قضية المسؤولية تجاه الجمهور، وهي تبدو مؤجلة أو أن لا أحد يهتم بها لحد الآن، بل لا أحد يستحي من هذا التناقض.
خلال تجربة العمل في الشأن العام، تمرّ على المسؤول قضايا كثيرة مُتشعبة وبعض الأحيان تكون مخزية ومتناقضة، لكن يبقى ان ما يُحاسب عليه المسؤول هو فقط الإجراء الذي اتخذه بعد أن علم بالوقائع.
سواء كانت الطائرات الأميركية قد ألقت بالأسلحة الى داعش أم لم تفعل، فإن مسؤولية الجهات البرلمانية والحكومة معاً أن تصل بجمهورها الى حقيقة تتبناها رسمياً وبالتالي تعمل وفقاً لها. أما ترك الأمور هكذا كي تتحرك المشاعر بفوضوية، فإنه سيؤدي بالنهاية الى أسوأ العواقب.
في التناقض الصارخ هذا، تتعمد جهة واحدة على الأقل من الجهتين الكذب، فيما تتعمد الجهة المقابلة ترك الآخر يكذب لسبب سياسي ومنفعة لا نعلمها.
وفي كلا الإحتمالين فإن الأمر معيب جداً لأنه تلاعب بالحقيقة الواجب إيضاحها للناس. الحقيقة الواجبة وليست تلك التي يتبرع بها لنا ديكة السياسة المتعاركين دوماً.