المنبرالحر

فؤوس حاقدة! / طه رشيد

توارث العراقيون « الفأس» كاداة للبناء عبر آلاف السنين منذ جدهم الأول « حمورابي « وحتى يومنا هذا. وقد استخدموها لقطع الأشجار لسد حاجاتهم اليومية في التدفئة أو الطهي أو البناء ..واستخدمت كذلك في قطع الحجر والطابوق بما يتلائم وصعود السقف لبنة لبنة.
ما زلنا نرى في مساطر عمال البناء قلة تضع الفأس في حزامها أو تجعله متكأ على كتفها، وسرعان ما نستدل أن حامل الفأس هو « الخلفة « ، أي أنه المهندس والبناء على حد سواء الذي سيتعهد ببناء البيت رغم أنه ربما لا يقرأ ولا يكتب. أميّ يبني خيراً الف مرة من حافظ للسيرة والقرآن لكنه يهدم!
وهذا ما ينطبق على « داعش « والقوى التكفيرية بكل مسمياتها التي تدور بفلكها، والتي لا تجد من معنى للحياة إلا بمحاربة كل مقومات الحياة.. وهذه القوى تعتقد أنه من العيب أن يكون المرء « سعيدا « فالسعادة بالنسبة لهم لا يمكن الحصول عليها إلا في الآخرة . أما في الحياة الدنيا فيجب حسب تعاليمهم تجنب كل ما يريح النفس البشرية.. الابتسامة والضحك والموسيقى والغناء والفنون والعلم والعمل البناء.. كل هذه موبقات حسب وجهة نظرهم يجب تجنبها.. ولكن هذا لا يمنعهم من اغتصاب من تقع بين أيديهم حتى لو كانت تربطهم بالضحية رابطة دم!
ولكن كيف يتسنى لهم أن يسيطروا على مدن عامرة باناس يقاسموننا الفكرة والأمل بعراق مزدهر ينعم بحياة سعيدة ؟ خاصة إذا ما علمنا بأن «الدواعش» قلة جاءت من خلف الحدود حاملة معها العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية ..وإذا ما بحثنا عن جذورهم، سواء في بلدانهم الأصلية أو في بلدان اقاماتهم، فسنجد من القصص ما يشيب له الرأس قبل المراهقة! إذا كيف تسنت لهم السيطرة على هذه المدينة او تلك؟ كيف تسنى لهم رفع فؤوسهم الحاقدة بوجه تاريخ العراق العريق لولا توفر الحاضنة؟! أجل الحاضنة من كبار ضباط جيش صدام وبعض من جيل لاحق يتقاسم الحقد مع البعث الصدامي على كل مجريات العملية السياسية الجديدة. ويأسف لسقوط الدكتاتورية بعض عناصر تلك الحاضنة تغلغل في اهم مفاصل الدولة وهما الجيش والشرطة!
ولكي لا نتهم احدا نقول ان سقوط الموصل خير مثال. وإذا كان عامة الناس في تلك المدن المستباحة لا حول لهم ولا قوة أمام تهديد المعاول بقطع رقاب الناس والتاريخ فما بالنا نحن ، وخاصة المثقفين والفنانين، في بغداد والاقليم والجنوب، لا نخرج في تظاهرات مليونية احتجاجا على فؤوسهم الحاقدة؟!