المنبرالحر

نتطلع إلى دولة مدنية في ظل عراق حر ديمقراطي / راسم قاسم موسى*

يمكن ملاحظة فارق شاسع في تقييم الأوضاع التي تعيشها البلاد بين المسؤولين من جهة والمراقبين والمواطنين من جهة أخرى، وهذا الفارق يشخص اختلافا جوهريا في اهتمامات ألطرفين وهو فارق يدفع المراقب والمواطن إلى التشكيك واليأس أحيانا من قدرة الساسة المسؤولين على إنجاز نجاح في أي ملف حقيقي. والفارق يدفع الساسة المسؤولين إلى تجاهل مطالب المواطنين والتعامل معها باستخفاف واستهانة، في ظل المخاوف التي نعيشها والتي عبر عنها اغلب الاوساط السياسية وقياداتها، كما عبر عنها كل القوى الفاعلة في الساحة السياسية العراقية حيال ما يجري على الارض من تراجع امني واقتصادي خطر يجعلنا نحدد ملامح الواقع العراقي والى اين يسير العراق. لم يعد خافيا طبيعة التحديات التي تواجه المشروع الوطني والعملية السياسية ، وبالرغم من ولادتها قبل أكثر من عشرة اعوام وقطعها أشواطاً مهمة في بناء الدولة العراقية الحديثة على وفق اسس قوية ومتينة، فان مثل هذا التطور والتقدم لا يروق للبعض من قوى خارجية تسعى الى فرض اجنداتها وهيمنتها على المشهد العراقي من اجل تحقيق مكاسب فئوية ضيقة حتى وأن كانت على حساب مصالح الشعب العراقي وحقوقه المشروعة في العيش في ظل دولة مدنية في عراق حر ديمقراطي.
ففي المدة الاخيرة شهد العراق العديد من التطورات الخطرة على الصعيدين الامني والسياسي، حيث تصاعدت العمليات الارهابية النوعية في مختلف مدن العراق واستهداف المواطنين الابرياء العزل .ولم يكن المشهد السياسي أقل سخونة فالخلافات والصراعات بين الكتل السياسية أخذت هي الاخرى منحى خطراً وتوسعت نقاط الخلاف الى التراشق الاعلامي والتسقيط السياسي وتبادل الاتهامات وجر البلاد الى أتون نزاعات طائفية والى مصير مجهول . وان التحذيرات والمخاوف التي عبرت عنها القوى الوطنية، والتصريحات والتحذيرات التي جاءت على لسان مسؤولين وقادة سياسيين, لم تكن من فراغ وهي ليست تهويلا للواقع بل منطلقة من قراءة واقعية للأحداث الجارية ومن فهم وإدراك لخطورة الوضع السياسي والأمني القائم وما سيترتب عليه من آثار خطرة على مستقبل العراق والعملية السياسية، خصوصا ونحن نعيش تأثير الوضع الامني واحتلال بعض مناطق البلد من قبل قوى ارهابية على المشهد العراقي، والذي أخذ يلقي بظلاله على الوضع الداخلي من خلال تصاعد الاحداث الارهابية في الموصل والانبار .
وفي ضوء ما تقدم يجب علينا ان نكون على قدر عال من المسؤولية الوطنية وان نكون بمستوى الاحداث الجارية والتحديات القائمة، وعلى استعداد لمواجهة المتغيرات على الساحتين الاقليمية والداخلية وعدم السماح لأصحاب الاجندات الخارجية بتنفيذ خططهم الخبيثة لضرب العملية السياسية والمشروع الوطني .
ان المطلوب هو وحدة الصف والكلمة بين الكتل السياسية، ونبذ الخلافات وتوحيد الخطاب الاعلامي، والجلوس الى طاولة الحوار الوطني وتصفير الازمات ، والرجوع الى الدستور في حل المشاكل العالقة ومد جسور الثقة بين جميع الكتل السياسية ، والمحافظة على المكتسبات التي تحققت خلال مسيرة العملية السياسية منذ 2003 .
وان علينا المزيد من الوعي الوطني والحرص على وطننا وشعبنا وعدم الانجرار وراء اصحاب الاجندات الخارجية المشبوهة والتي لا تريد بالعراق إلا الشر. وهنا لا بد من اتخاذ موقف وطني موحد ينتهجه الساسة ويغلبون فيه المصلحة الوطنية على كل اعتبار آخر لان اي تجاهل لما يدور الان قد يعود بالسوء على الجميع، ولات ساعة مندم .
××××××××××××
*قاص وروائي، فائز بالجائزة الاولى لكتابة القصة في مسابقة الطيب صالح العالمية – الخرطوم 2015.