المنبرالحر

إمبراطورية علي يونسي / مرتضى عبد الحميد

أثارت تصريحات علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني والتي عد فيها أن بغداد لا طهران هي التي باتت اليوم عاصمة الإمبراطورية الإيرانية، مؤكداً أن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما في الماضي، واضاف لافض فوه «إن جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معاً أو نتحد» في إشارة إلى الوجود الإيراني في العراق خلال الآونة الأخيرة، أثارت هذه التصريحات النارية ردود فعل متباينة لدى ساسة العراق، تراوحت بين الصمت المط?ق والردود الباهتة، والإدانة بسبب ما يراه الكثيرون سخونة المعركة مع «داعش».
وبصرف النظر عن الدوافع الحقيقية لهذا التصريح الغريب والمثير، وتوقيته غير المناسب، وما يهدف إليه من إيصال رسائل سياسية، سواء إلى الولايات المتحدة والتحالف الدولي، أو الى الطرف الطائفي المقابل أو الى حلفائه العراقيين المنسجمين معه حد التماهي، يبدو صحيحاً ما يقال عن السلطات الإيرانية، من أن مشروعها الحقيقي هو مشروع قومي، يتعكز على البعد الطائفي، لاستغلاله وتوظيفه لصالح هذا المشروع الإمبراطوري، سيما وان المنافس التركي ينحو بنفس الاتجاه. وربما يشكل طموح إيران وتركيا لان يلعب كل منهما، دوراً اقليمياً اكبر بكثير مما يجري لحد الآن، رافعة أساسية لتفعيل هذا المشروع، من خلال أذرعها وامتداداتها في المنطقة.
ولكن لنكن واقعيين، ونسمي الأشياء بأسمائها، فهل يمكن أن يلام «يونسي» أو «اوردغان» على تدخلهما في الشأن العراقي، بقدر ما يلام العراقيون أنفسهم، وخاصة الذين لا يحلو لهم ولا يستطيعون العمل ولا الفوز في الانتخابات إلا عبر استقوائهم بالأجنبي، مقابل صراعاتهم العبثية فيما بينهم، ورفعهم راية الطائفية والهويات الفرعية الأخرى عالياً، بدلاً من الهوية الوطنية، التي يزعقون بها ليلاً ونهاراً، الأمر الذي يكشف زيفهم، وإصرارهم على دس السم بالعسل لناخبيهم قبل غيرهم، وشحنهم بكل ما يبعدهم عن الوطن وعن أبناء جلدتهم، لتظل الخنادق عميقة، ولا احد يستطيع اجتيازها إلى الضفة الأخرى، والوصول إلى بر الأمان.
أحيانا يأخذك العجب، من قوة الضغينة التي يحملها السياسيون تجاه بعضهم، بينما ترى الانبهار والإعجاب يتطاير من عيونهم أو أفواههم عند ذكر الأجنبي اقليمياً، كان أم دولياً، فأحدهم يدعو إلى إقامة تمثال لـ»قاسم سليماني» فلولاه لسقطت بغداد والعراق كله في براثن «داعش» وفي ذات الوقت يقول أن دوره كان استشارياً! متجاهلاً ومستهيناً بتضحيات قواتنا المسلحة، الباسلة، ورجال الحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر الذين يقدمون التضحيات الغالية من اجل تحرير بلدهم ومدنهم، والآخر يتواجد في تركيا أكثر مما يتواجد في العراق، وكأن سرهه مدفونة هناك كما يقول المثل العراقي.
فلم العتب على يونسي وأمثاله، وهم أجانب يعملون لصالح بلدانهم، ويتمنون أن يبقى العراق ضعيفاً، ليكون موطيء أقدامهم فيه كبيراً، العتب كل العتب واللوم كل اللوم على بعض سياسينا الذين نسوا، أو تناسوا أنهم عراقيون! فهل سيراجعون أنفسهم ويقومون بتعديل اتجاه البوصلة، أم أنها سوف تستمر في انحرافها، بعيداً عن مصلحة الشعب والوطن؟